للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنا لا نسلِّم، بل هو حجةٌ في إحدى الروايتين، ولو سلَّمنا أنَّه ليس بحجةٍ في الشرعِ لم يخرج عن كونِه حجةً في (١) اللغةِ، ونحن نقنع بقول أبي زيدٍ (٢)، والأصمعيِّ، وثعلب، والمبرَد (٣)، وشعرِ زهير (٤)، وأمثالِ ذلك لمكان المعرفةِ، ونشغل الذمّةَ بالقيمةِ بقولِ المقوِّمين من أهلِ الخبرةِ بالسوقِ، ونُسقِطُ هيئاتِ الصلاةِ، ونُؤخِّرُ الصومَ بقولِ مُتطببينَ بأنَّ هذا المرضَ يزيدُ في الصومِ، وإلى أمثالِ ذلكَ، والله أعلم.

فصل

فإن تركَ الراوي لفظَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعملَ بخلافِه متأوِّلاً لم يكن تركُه للظاهرِ معمولاً به، ويُعملُ بالظاهر (٥).

فإنْ صرفه بدليل، وعلمنا أنه دليلٌ لا شبهة، صرفناه بذلكَ الدليلِ، لا لكونه قولَ الراوي، مثل نهيِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طَيْبة عن أكلِ أجرةِ الحجامةِ، وأمره أن يعلفَه


(١) في الأصل: "من"، والمثبت أنسب للسياق.
(٢) هو أبو زيد الأنصاري، المتقدمة ترجمته في الصفحة ٢٨٤ من هذا الجزء.
(٣) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري، إمامٌ من أئمة النحو والأدب، له تصانيف كثيرة منها كتاب "الكامل" توفي سنة (٢٨٦ هـ). انظر "تاريخ بغداد" ٣/ ٣٨٠ - ٣٨٧، و"إنباه الرواة" ٣/ ٢٤١ - ٢٥٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٥٧٦ - ٥٧٧.
(٤) هو زُهير بن أبي سُلْمَى ربيعة بن رياح المزني، من شعراء الجاهلية وحُكمائهم، ولدَ في "مزينة" ونشأ في أُسرة أدبِ وشعر فكان أبوه شاعراً وخاله شاعراً وأخته سلمى شاعرة، وكذلك ابنه كعب صاحب "بانت سعاد". انظر "الشعر والشعراء" ١/ ١٣٧، و"الأعلام" ٣/ ٥٢.
(٥) أي بظاهر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه هي الرواية الراجحة عند الحنابلة. انظر "العدة" ٢/ ٥٨٩، و"المسودة": ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>