للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلامَ من الفؤادِ إلا من هذا القبيل.

ويَشهدُ لذلك قولُه سبحانه في الأمرِ خاصةً: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢] فأخبرَ أن أمرهُ حرفان، وقال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] ولم يتقدمْ مِن القولِ إلا اسجدوا، فدَل على أنَه هو الأمر وقال لابليس: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢]، وقال لآدم: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥] وقال سبحانه: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: ٣٥] فلما أكلَ قالَ له: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٢] ومقام الأمرِ صيغةُ قوله: {لَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: ٣٥].

فصل

في جمعَ ما تعلقوا به

قالوا: إذا ثَبَتَ أن الكلامَ معنى قائم في النفسِ، وهذهِ الحروفُ والأصواتُ عبارة عنه، دَخَلَ الأمر في الجملة، لأنه ضربٌ من الكلامِ وقِسْم من أقسامِه، والذي يثبتُ به ذلك قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} [المجادلة: ٨] وقولُه سبحانه: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} [المنافقون: ١]

والكذب لا ينطبقُ إلا على الخبرِ، ولو أطبِقَ على القولِ الذي هو الشهادة، لكان تكذيباً لكلمةِ التوحيدِ، ولا يجوز ذلك، لم يبقَ إلا أنه عادَ إلى ما في أنفسِهم من الخبرِ. وقال الشاعرُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>