للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّبح، وما يتضمنُه من عِظمِ الصَّبْرِ، وما زالَ الله سبحانَه يقص فضائلَ الأنبياءِ صلواتُ اللهِ عليهم على الاستيفاءِ، تعظيماً لشأنِهم وتخجيلاً لِمَن قصرَ عن حالِهم، كبني إسرائيلَ شدَّدوا في أمرِ اللهِ لهم بذبحِ بقرةٍ ذلك التشديدَ، وهذا الكريمُ أسرَعَ إلى طاعةِ اللهِ في هذا الخَطْب الجسيمَ.

فصل

في الاستدلالات

قال المحققون مِن الفقهاءِ: أجمعنا أنَّ القائلَ: أُريدُ أنْ تقومَ أو تدخلَ الدَّارَ، يحسنُ في جوابه: صدقتَ أو كذبتَ، وقولُه: قُمْ وادخلْ الدارَ، يكونُ جوابهُ: أطعتُ أو عَصيتُ، ومعلوم أنَّهُ لا يُستدلُ على طبعِ الكلمةِ وجوهرها وخَصيصَتها إلا بمتعلقاتها وأجوبتِها، ومعلوم أنَ الأمرَ ما أطيعَ أو عُصِيَ، والخبرَ ما صُدقَ أو كُذِّبَ، فلما كانَ التصريحُ بذكرِ الِإرادةِ، يُعطي الِإخبارَ بدليلِ الجواب الليِّقِ بالِإخبارِ، والاستدعاءُ من غيرِ ذكرِ الإرادة يُعطي الأمرَ, بدليلِ الجوابِ بالائتمارِ، عُلِمَ أنَّ الأمرَ ليس بإرادةٍ، ولا من (١) ضرورته صدرورُه عن إرادةٍ.

ومما استدلوا به أنْ قالوا: لو كانَ الأمرُ هوَ الإرادةَ للمأمورِ به، أو يقتضي الإرادةَ، لمَا حَسُنَ أنْ يقولَ الماكر: أمرتُكَ ولم أرِدْ، ويقولَ القائلُ: أردتُ ولم آمُر، كما لا يحسُن أنْ يقولَ: أمرتُ ولم آمرْ، ولا أردتُ ولم أرِدْ، لما كانا نقيضين.


(١) في الأصل. "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>