للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الاستدلالِ الذي يُعتمدُ عليه في الطريقة

اعلم أن الاستدلالَ الذي يُعتمدُ في الطريقةِ على ضَربَينِ: أحدهما: أن يشهدَ الأولُ بالثاني، والثاني بالثالثِ، والثالثُ بالرابعَ إلى آخر مَرْتَبَةٍ.

والضَرْبُ الآخرُ: أن يُحضِرَ الأولُ الثانيَ، والثاني الثالثَ، والثالثُ الرابعَ إلى حيث تنتهي مراتبُه، والاعتمادُ في هذا الاستدلالِ على أن تعملَ في الثاني على نحوِ العملِ في الأولِ.

مثالُ ذلك: التَغيرُ يشهدُ بحدوثِ الجوهرِ، وحدوثُ الجوهرِ يشهدُ بأنه لا بُدَّ من صانع غير مصنوعٍ، وأنه لا بُد من صانع غيرمصنوعٍ يشهدُ بأنه قديم، وأنه قديمٌ يشهدُ بأن الحاجةَ لا تجوزُ عليه، وأن الحاجةَ لا تجوزُ عليه يشهدُ بأنه لا يجوزُ عليه الظُّلمُ، وأنه لا يجوزُ أن يُؤيِّدَ كذَاباً بمُعجِزٍ.

ومثالُ الطريقةِ للإِحضار: ما الدليلُ على النُّبُوةِ؟ إذا حضرَ الجوابُ: بأنه المعجزُ، اقتضى السؤالُ الثاني: وما الدليلُ على المُعجِزَةِ؟ فإذا حضر الَجواب: بأنه الخروجُ عن العادةِ، اقتضى السؤال الثالث: ما (١) الدليلُ على الخروجِ عن (٢) العادةِ؟ فإذا حضرَ الجوابُ: بأنه تَرْكُ المُعارَضةِ مع التَحدي للكافَةِ، كان على السائلِ أن يَتاملَ؛ فإن عَلِمَ فقد وصلَ إلى الغَرضِ، وإن اعترضَت عليه شُبْهَةٌ، سألَ عنها


(١) في الأصل: "بعد".
(٢) في الأصل: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>