للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أمثالِ ذلك، وكم ضلَّ قومٌ بذلك، ونفَرَ قوم عن الاستجابه للشرعِ لأجلهِ، فالدعوى بأنَّ العقولَ تمنعُ ذلكَ باطلة، لأنَّ الشرعَ لا يأتي إلا بمُجَوَّزات (١) العقول.

على أنَّ هذا كُلَّه يلزَمُ من قالَ بنفي الوجوبِ رأساً، ونحنُ نقولُ بوجوبِ اتِّباعهِ، وإنَّما نقولُ: إنه بالسَمع، وكونُ الطريقِ لإيجابهِ السمعَ، لا يَحْصُل به ما ذكره المخالفُ من التنفير، وإهمالِ حرمة السفير - صلى الله عليه وسلم - ولا الإغراءِ بمخالفتِه.

فصلٌ

البيانُ بالفعلِ من جهتهِ - صلى الله عليه وسلم -

هو أنْ يفعلَ بعضَ ما دخلَ تحريمُه في عمومِ لفظِ التحريم، فإذا فعلَه دلَّنا ذلكَ على تخصيصِ العموم، وأنَّ ما فعله لم يدخل تحتَ، صيغةِ العموم، وذلكَ جائزٌ عنْدَنا، وبه قال بعضُ أصحابِ الشافعي.

وذهبَ أبو الحسنِ الكرخي: إلى أنَّه لا يجوزُ تخصيصُ العمومِ، ولا البيانُ بالفعل، ووافقه في ذلكَ بعضُ أصحابِ الشافعي، فلهم في هذا وجهان (٢).


(١) في الأصل: "مجوزات".
(٢) والذي عليه الأكثرون من الشافعية، وأصحاب الأئمة: جواز تخصيص العام بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
انظر "ميزان الأصول" ١/ ٤٧٢، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٨٧، و"التفتازاني على ابن الحاجب" ٢٧/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>