الحكمُ بأن المحل متحركٌ ولَمَا تُوجدِ الحركةُ، بل ذلك ممتنعٌ لاستحالتِه وتناقضِ القولِ فيه.
وكلُّ علةٍ محدَثةٍ فالحكمُ بها معلول على الوجهِ الذي ذكرنا؛ لأنه لا علةَ محدَثةٌ إلا ويصح بها حكمٌ بعد أن كان لا يصحُّ، وليس كلُّ حكم فإنه لا يَصِحُّ إلا بعلَّةٍ؛ لأن الحكمَ بأن القديمَ لم يزلْ ليس بمحدَثٍ كائنٍ بعد أن لم يكنْ لم يصحَّ بعلةٍ؛ لأنه ليس مما يصحُّ بعد أن لم يكنْ يصحُّ.
فأما الحكمُ بأن الجواهرَ مقدورةٌ فإنه مما يصحُّ بعلةٍ؛ لأنه لم يكنْ ظاهراً للنَفسِ صحتُه، فصارَ ظاهراً بعد أن لم يكنْ ظاهراً.
والعلةُ في مثل هذا إنما هي دَلالةٌ بها يظهرُ صحَةُ معنى الحكمِ، فكلُّ ماظهرَ للنفسِ صحتُه بعدأن كان لا يظهرُ للنفسِ صحتُه، فلا بُدَّ له من علَّةٍ إذا كان مما يخطُرُ على البال، ويحضُر النفسَ فلا تَتبينُ صحتَه دون شيءٍ آخر.
فصل
في إجراءِ العلَّةِ في المعلولِ
اعلم أن إجراءَ العلَّةِ في المعلول: هو الإيجابُ لكل معلولٍ بها، مثلُ ما وجبَ للواحدِ من المعلولِ بها، وعَبَّرَ عن ذلك آخرون بأن قالوا: يجبُ إذا حُكِمَ لشيءٍ أوعلى شيءٍ بحكمٍ من أجلِ علةٍ فيه أن يُحْكَمَ لكل ما فيه تلك العلَّةُ بمثل ذلك الحكمِ، وإن اختلفَتْ أحكامُهما وعللهُما من وجوهٍ أخَرَ؛ لأن اختلافَهما من حيثُ اختلفا لا يمنعُهما من الاتفاقِ في العلَّةِ التي لها ومن أجلها حُكِمَ لأحدِهما بذلك