للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كانت تقتضي ذلكَ لما احتيجَ إلى ثانٍ (١) منها، وثالثٍ؛ لأنَّ كل صيغةٍ من هذهِ لا تُفيد إلا ما أفادت الأولى, فهو كقولِ القائلِ: رأيتُ ثلاثةَ أنفسٍ وواحداً، أو واحداً وواحداً وواحداً. لمّا كانت الثلاثةُ موضوعةً لا جَرمَ لم يحسُن أن تؤكَّد بما ذكرنا من عطفِ الآحادِ عليها، وكذلكَ لو قال القائلُ: أعطه عشرةَ دراهم؛ تسعةً [ودرهماً، أو] (٢) ثمانيةً ودرهمين. لم يكن ذلك مفيداً؛ لاستغنائنا بكونِ الأوَّلِ موضوعاً لهذا العددِ المخصوصِ.

ومنها: أن قالوا: استشهادكم بالتأكيدِ وألفاظِه غفلةٌ منكم؛ لأنَّ الخلافَ في كُلِّ لفظٍ أوردتموه مؤكَّداً كان او مؤكِّداً، فلا يقتضى شيء من ذلكَ الشمولَ والعمومَ، بل هوصالحٌ، فَلمكانِ (٣) الصلاحية التي فيه عُطف عليه مايَصلحُ له، فأمَّا الاقتضاءُ فإنما هو مجرَّد دعوى وزيادة على الصلاحية، ولا دلالةَ (٤) لكم عليها، وإنما أرادَ عطفَ شيءٍ على شيءٍ ليبلغَ بذلك إلى غايةٍ، هي العلمُ بأن قصدَه الاستغراقُ، فيقولُ: أكرِم كُلَّ العلماءِ، فقيرَهم وِغنيَّهم شيخَهم وشأبَّهم، قاصيَهم ودانيَهم، حتى ينتهيَ إلى الغاية، فيعلمَ المقولُ له أنَّ قصدَ المتكلَّم: عمومَهم وشمولَهم بالإكرامِ.

فصل

في الأجوبةِ لنا عن أسئلتهم

فأمَّا الأوّلُ: ومنعهُم أنَّ التأكيدَ لا يكونُ إلا بما يكون كالمؤكِّد، وما يقتضيه. فغيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الأمرَ في ذلك أظهرُ وأشهر فإنَّ القائلَ من أهلِ اللغةِ يقولُ: دخلَ السلطانُ نفسه. وإن كان اسمُ السلطانِ لا يقعُ على غيرِه، ولا وُضعَ إلا للمسلطِ


(١) في الأصل: "ثالث".
(٢) زيادة يستقيم بها السياق.
(٣) في الأصل: "فلما كان".
(٤) في الأصل: "دالة".

<<  <  ج: ص:  >  >>