للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانتقام والامتهانِ أكثرُ وأوفرُ، وهذا يرجعُ إلى أصلٍ، وهو: أن التَقبيحَ إلىَ الشَّرع والتَّحسينَ إليه، فإذا رأيْنا مضاعفةَ الأجرِ، والثناءَ، والوَعْدَ والشهادةَ بالفَضلِ، لمن فعلَ حَسَناً ممًا حَسَّه، ورأيْنا ما هو دونَ ذلك في حَسَنٍ آخَرَ، عَلِمْنا أنه أبلغُ في باب الحُسْنِ، وكذلك الذمُّ.

فصل

في الفَرْقِ بين مذهب أهل السنه -وهم الفقهاءُ وأصحابُ الحديث- وبين مذهب المتكلمَين في كونِ الحسَنِ ما حَسَّنَه الشَرعُ، والقبيحِ ما قَبَّحَه الشَرعُ عند أهلِ السنةِ، وكونِ القبيحِ قبيحاً بمعنى يعودُ إلى النفْسِ، والحَسَنِ [حَسناً] (١) بمعنىً (٢) يعودُ إلى النفس:

أن أهلَ السنةِ قالوا: إن الشرعَ إذا أباحَ شيئاً، أو أمرَ به فأوجبَه أو ندبَ إليه، عَلِمنا أنه الحسَنُ، وكذلك إذا مَدَحَ عليه، ووَعَدَ بالنَعيم لفاعِله، كالصَلاة، والصَيامِ، والصَدقةِ، وبِر الوالِدْينِ، وما يُشاكِلُ ذلكَ أيضاً من ذَبْحِ الحيوانِ، وقتلِ الآباءِ في الجهادِ، ولأجْلِ (٣) سَبِّ (٤) النبيِّ عليه الصلاة والسلام، وهذه الأمورُ تأباها العقولُ بفِطرَتِها، لكنْ لَمَّا وردَ الشرعُ بتحسينِها، حَكَمْنا بحُسْنِها.

وإذا حَظَرَ شيئاً وحَرَّمَهُ، وزجرَ عنه، وتَوَعدَ (٥) عليه بالنَّارِ، فهو


(١) زيادة على الأصل لتتناسق عبارة النص وتتضح.
(٢) في الأصل: "معنى".
(٣) في الأصل: "لأجل" بدون الواو.
(٤) في الأصل: "سبب".
(٥) في الأصل: "تواعد"، والجادة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>