للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبيحُ، وإن كان العقلُ لا يَأْباهُ ولا يُقَبحُه، كالفِرارِ من الزَحْفِ لحِفْظِ النفسِ وخَوَرِها، وكذلك بَيْعُ درهمٍ بدرهميْنِ بطِيب قلب ورضا نفسٍ، وكذلك قَبحَ قومُ شعيبِ نَهْيَهُم (١) عن ذلك، فقالواَ: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ (٢) مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: ٨٧].

وقال المخالفون: إنا نجدُ القَبيحَ من ذاتِ الشيءِ، فإذا كان في نفسِه على صفةٍ يَذُمها العقلُ وُينكِرها؛ فذلك هو القبيح، وذلك كالظلمِ، وعقوقِ الوالدينِ، وكُفْرانِ النَعَمِ، والفسادِ، وما يُودي إلى الفسادِ.

والأحسنُ نجدُه من نفوسِنا، وكذلك الأقبحُ، فنجدُ الإِساءَةَ إلى الجارِ قبيحةً، والتَأفيفَ الدال على الضجَرِ من الوالدينِ قبيحةً، والإِساءةَ إلى الوالدين أقبحَ من الإِساءةِ إلى الجارِ، وضَرْبَ الوالدينِ أقبحَ من التأفيفِ.

قالوا: و [لو] (٣) لم يكُ في العقلِ تزايدُ ذلك، لَمَا عَقَلْنا التَنْبيهَ على المنعِ من الضرب بالنَهيِ عن التأفيفِ، فلو لم يكنْ في النفسِ مايَزِن ذلك وُينْزِلُ كل واَحدٍ منهما منزلةً تَخُصهُ لَمَا عَقَلنا بالنَهيِ عن التأفيفِ النهيَ عن الشَتْمَ والضربِ (٤).


(١) غير واضحة في الأصل.
(٢) وردت في الأصل: "أتنهانا أن نعبد"، وهي جزء من الأية (٦٢) من سورة هود، الواردة في قوم صالح، لا قوم شعيب.
(٣) سقطت من الأصل.
(٤) انظر ما تقدم في ص ٢٦ - ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>