للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجمع أدلّة المخالف في هذا الفصل (١)

فمنها قولُهم: لو كانَ للعمومِ صيغةٌ موضوعةٌ تَقتضيه، لم يخلُ أن تكون ثابتةً بدليلِ العقلِ أو النقلِ، والعقلُ؛ فلا مجالَ له في إثباتِ اللغاتِ، والنقل؛ فلا يخلو من آحادٍ، ولا تَصلحُ لإثباتِ هذا الأصلِ؛ لأنها توجبُ الظنَّ، وهذه الأصولُ طريقُها القطعُ، أو يكون النقلُ تواتَر؛ فيجبُ أن يشيعَ خبرُه ويستبينَ أمرُه، حتى يكونَ العلمُ القطعيُّ به حاصلاً، والاتفاق عليه واقعاً، فلمَّا بطلت (٢) دعوى وضعِ صيغةٍ للعمومِ، إذ لم يبقَ لها طريقٌ تثبتُ به، فيقالُ: هذا ينقلبُ عليكم في إثباتِكم الاشتراكَ في هذهِ الصيغِ والألفاظِ بين الخصوصِ والعموم.

قلنا: لا تجدون (٣) عنه انفكاكاً؛ لأنه لا يخلو ثبوتُ الاشتراكِ فيها عنْدكم أن يكون عقلاً، ولا مدخلَ لأدلةِ العقلِ فيما هذا سبيلُه من الوضعِ، أو نقلاً، فلا يخلو أن يكونَ تواتراً قطعياً فكانَ يجبُ أن نشتركَ وإياكم في علمِه، ويشيعَ خبرهُ شياعَ جميع ما نُقِلَ تواتراً، وإن كان آحاداً، فالآحادُ لا يثبت بها ما طريقهُ العلمُ.

على أننا أثبتناه بنقلٍ يجري مجرى التواتر، وهو ما ذكرناه من النقلِ الذي رضيتم إثباتَه للصلاحية، وتَنكَّبتم منه الوضعَ والاقتضاءَ، وعَقَلنا نحنُ منه الوضعَ والاقتضاءَ بما أغْنانا ذِكره عن (٤) الإعادة (٥).


(١) تنظر هذه الأدلة في "التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ٢٦ - ٤٤، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ١٠٩ - ١١٢، و"شرح مختصر الروضة" ٢/ ٤٨٣ - ٤٨٤، و"الفصول في الأصول" للجصَّاص ١/ ٩٩، و"المستصفى" ٢/ ٣٤، ٣٦، ٤٥ - ٤٨.
(٢) في الأصل: "بطل".
(٣) محرفت في الأصل إلى: "تحذرون".
(٤) في الأصل: "من".
(٥) انظر ما تقدم في الصفحة ٣٢٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>