للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: أنتِ طالق ثلاثاً إلا طلقةً. صحَّ الاستثناء، وارتفعتْ به طلقةٌ.

قيل: لا نُسلِّم، بل الجميعُ سواءٌ، كما تقولُ أنتَ في عودِ الشرط إلى الجميع، المفردِ وغيرِه، ففيما ذكرنا دلالةٌ على أهلِ الوقفِ لأنَّنا لما دلَّلنا على عودِ الاستثناءِ إلى الجميع، امتنع صحةُ القولِ بالوقفِ؛ لأنَّ الوقفَ إنما يوجبُه عدمُ الترجيحِ، فإذا ترجَّح أحدُ المتردِّدين، بطلَ الوقفُ.

فصل في شُبَههم

أما شُبهة أهلِ الوقف (١)، قالوا: إنَا لا نَعرفُ بالنقلِ الذي يُثبتُ العلمَ ويقطعُ العذرَ عن أهلِ اللغة، أن الاستثناءَ يعودُ إلى جميع الجمل المتقدمةِ، ولا أنَّه يعودُ إلى الجملةِ التي [تسبق] (٢) الاستثناء، وغاية ما جاء عنهم إعادته إلى الجملةِ التي يليها (٣) تارةً وإعادته إلى الجمل جميعها أخرى، وذلكَ بحسبِ ما تَدل عليه دلالةٌ من جهتِهم، أو قرينةٌ، فإذا كانَ استعمالُهم لذلك منقسماً, ولا نقلَ يدلُّ على رجوع الاستثناءِ إلى الجميع، ولا [إلى] (٤) الجملةِ الأخيرةِ؛ وجب الوقفُ إلى أن تردَ دلالةٌ توجبُ ترجيحَ أحدِ الأمرينِ على الآخرِ.


(١) للذين قالوا بالتوقف في عودالاستثناء وجهتان:
الوجهة الأولى: وقد ذهب إليها القاضي أبوبكر الباقلاني والغزالي، حيث قالا بالتوقف العارض؛ أي لتعارض الدليل في كونِ الاستثناءِ خاصَّاً بالجملةِ الأخيرة، أو يرجع إلى الجميع.
الوُجهةُ الثانية: وقد ذهبَ إليها المرتضى من الشيعة، حيث قال بالتوقف الاشتراكي: أي أنّ الاستثناء في الأصل يصلحُ رجوعُه إلى جميعِ الجمل، وإلى الجملةِ الأخيرة، على جهة الاشتراك والتساوي، كلفظِ القرء للحيض والطهر ولفظِ العين لمسمياته المختلفةِ المشتركة. "شرح مختصر الروضة" ٢/ ٦١٢، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ٤٤٠، و"المحصول في علم أصول الفقه" ٣/ ٤٣.
(٢) سقطت من الأصل.
(٣) في الأصل: "تليه".
(٤) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>