للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من] (١) يفرق بين قياسِنا للجملِ على الجملةِ الواحدةِ، فيقول: إنَّ الجملة الواحدة ليس هناك ما هو أولى منها، وليس بينها (٢) وبينَ الاستثناءِ حائل، والجملُ تصيرُ الأخيرة التي تلي الاستثناءَ حائلاً، يمنع رجوع الاستثناءِ إليها، لما بيّنا، أنَّ الجمل المعطوفة بمثابةِ الجملةِ الواحدة.

ويدفع أيضاً عنّا قولهَم: إن الجملةَ الواحدة تخالفُ الجملَ، فإنه لو قال: أنتِ طالق ثلاثاً إلا واحدة. صحَ الاستثناء، ولو قال: أنتِ طالق وطالق وطالق إلا واحدة.

وقع الثلاث، ولم يُخرجْ الاستثناء شيئاً، وكان الفرقُ بينهما: أنَّ الاستثناء يعودُ إلى الطلقة الأخيرة، فيصيرُ رافعاً للطلقةِ من طلقةٍ، والاستثناءُ متى كان رافعاً للكلّ بطُلَ ولم يُخرجْ شيئاً.

ونحن نقولُ: لا يرجعُ إلى الجميع وهي الثلاث؛ لأنَّ الواوَ العاطفةَ تجري مجرى قوله: أنت طالق ثلاثاً (٣).

ومنها: أن الاستثناءَ يصلحُ أن يعودَ إلى كل واحدةٍ (٤) منهما، وليسَ إحداهما بأولى من الأخرى، فوجبَ أن يعود إلى الجميع، كالعموم؛ شمل آحادَ الجملةِ إذ لم يتخصصْ أحدُهما بمعنىً يوجبُ وقوفه عليه وتناوله له خاصَّةً، فيعم آحادَ الجنس كلَّها، كذلكَ ها هنا.

فمن قيل: فرقٌ بين الذكرِ لجملة واحدةٍ تشتمل على آحاد، وبين أفرادِ آحادِ الجملة في باب الاستثناء، بدليل أنَّه لو قال: أنتِ طالق وطالق وطالق إلا طلقةً. فإنَّه لا يرفعُ الاستثناء شيئاً، لكونه يعود إلى الجملةِ الأخيرةِ، فيصيرُ استثناءً للطلقةِ نفسِها،


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل: "ولا ما بينه"، والمثبت من"العدة" ٢/ ٦٨١.
(٣) "العدة"٢/ ٦٨١، و"التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ٩٤ - ٩٥.
(٤) في الأصل: "واحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>