للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخبِرَ بمالا يَعلَمُ كونه صدقَاَ؛ ليوافق الصدق، كذلك لايجوزُ أَن يحكمَ بما لاطريقَ إِلى العلم بصوابه؛ ليوافق الصواب.

ومنها: أنَّه لو جاز ذلك، لجاز أَن يرسل الله رسولاً؛ ويجعل إليه أن يشرعِ شريعةً برَأيه (١)، وينسخ ما تقدمه الشريعة برأْيه، وينسخ أَحكاماَ أَنزلَها اللهَ عليه برأيه، ويرى أَن نسخَها أَصلحُ من استدامتِها بحكمِ الحالِ التي تجدَّدت، فيُبَيحَ الخمرَ بعدَ أَن حُرِّمَتْ، ويُبيحَ الجمعَ بين الأُختين، والأمهاتِ، والأَخواتِ من الرَّضاع؛ لواقعةٍ تقر لَه من المصلحة التي يراها، أَو يَخُصَّ من يرى أَنه لا يستجيبُ لتحريمِ ذلك بالإباحةِ له، ويُحرَمَ ذلك على مَن يَعلَمُ أَنَّه سريعُ الانقيادِ، وإلى ما شاكلَ ذلك من الآراءِ وألاختياراتِ السَّانحةِ له.

وإِن جوَّزتم ذلك؛ لِما يَعلَمُ من الإصابةِ، فلا يَبعُدُ أن تُجوِّزوا أَن يُقالَ له: أَخبر بما شئتَ في المستقبل من أَمرِ الدنيا والآخرة، فسيُوافَقُ تحقيقُ (٢) خبرك، ويوقع ما أَخبَرتَ به علىِ ما أَخَبَرتَ، وأَن يقان له: ومَن اختارِ من أَصحابك والتابعين لك شيئاً، فهو الحقّ؛ وهو الصَّوابُ، فاجعَلْهُ شرعاً متَبعاً، وديناً لمن بعدَهم من أُمتِك.

فصل

في جمع اللأجوبة عن شبههم

أَمَّا اعتبارُ المصالح، فأصحابنا يمنعون اعتبارَ ذلك، وأشتراطه من طريق الإيجابِ على اللهِ سبحانه، وذلك أَصل أتَّسعَ الكلامُ فيه في أُصولِ


(١) في الأصل: "بعرانه".
(٢) في الأصل: "تحريك".

<<  <  ج: ص:  >  >>