للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه؟ لأنه تَرْكٌ لمذهبٍ أوجبَتْه علتة الموجِبةُ للجمع بين موسى وهارون. ويقالُ أيضاً: إذا اقررْتَ بموسى لِإطباقٍ عليه؛ فهلَّا طردتَ علتَك واجريْتَها، وألزَمْتَ نفسَك من الإقرارِ بهارونَ مثلَ ما ألزمْتَها من الإِقرارِ بموسى؛ إذ كانت اليهودُ مطبِقَة عليه كإطباقِها على موسى؟ ويقالُ لمن أنكرَ المعارضةَ أيضاً: هل الحقُّ وأهلُه مفارقان للباطلِ وأهلِه في أنفسِهم بحُجَّتِهم؟ فإن قال: لا، فهذا مما لا يقولُه أحد، وإن قالَ: نعم، قيل له أيضاً: فيجوزُ لمن شكَّ في افتراقِهم أن يَسألَ عنه، وعمّا أوجَبَه.

ويقالُ لهم: إذا أمكنَ أن يكونَ في الناسِ من يقولُ بعلَّتِكَ، ويوافقُك فيها، ثم لايُوافِقُ في مقتضى العلَّةِ وموجَبِها، بل يُخالِفُك في المذهب، فلا بُد من مطالبتِه ببرهانِ مخالفتِه في المذهب مع موافقتِه في علَّتِهَ، كذلك هاهنا.

وفي الجُمْلَةِ والتفصيلِ: كلُّ من تركَ قولاً فلا بُدَّ له في اختيارِه تركَه إياه من علَّه وحًجةٍ، كما أن كلَّ من اختارَ قولًا فلا بُد له في اختيارِه إياه من علَّةٍ وحجةٍ، فإذا رأيْتَ تاركاً قد تركَ شيئاً واجْتَبَى واختارَ مثلَه، فلا بُد من مطالبتِه بحجَّةٍ في اختيارهِ تَرْكَ ما تركَ واختيارِ ما اختارَ، إذا ادَّعى أنه تركَ بحجَّةٍ واختارَ بحجَّةٍ.

فصلٌ آخرُ

في المعارضةِ

اعلم أنك إذا سُئِلْتَ عن الفَرْقِ بين شيئين قد فَرَقْتَ بينهما بالإِثباتِ والإِبطالاِ، لا بُدَّ لجوابِك الذي فيه تفريقُك أن يكونَ مبطِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>