للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلمين -وأظنه: الجبائي؛ على ما رأيته في بعض الكتب الكلامية-، قال: لا يجوزُ ذلك عقلاً (١).

فصل

يجمع أدلتنا

فمنها: أنَّ التعبداتِ تتضمنُ ترغيباً في الثواب، وترهيباً من العقاب، وعلى هذا مبنى التكليف، وقد ثبت تجويزُ الرجوعِ في التخويفِ من طريقٍ، والترهيبِ من سفرٍ، إلى خبرِ الواحد المخبر بما يخوفه من سبعٍ، أو قاطعِ طريقٍ، وكذلكَ تجويزُ العملِ بخبرهِ ترغيباً في سفير لنفعٍ آَخْبرَ به؛ من ربحٍ في تجارةٍ، ودركٍ لمطلبٍ، فكذلك خبره عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يعودُ بدفعِ مضرةٍ، أو درك منفعة، ولا


= ٣/ ٣٥، والشيرازي فى "التبصرة" (٣٠١)، والآمدي في "الإحكام" ٢/ ٦٨، والغزالي في "المستصفى" ١/ ١٤١.
(١) الصحيح في مذهب الجبائي: أنه يفصِّل في خبر الواحد، فإن كان ممَّا انفرد به العدل الواحد، لم يقبله، وإن كان المخبر اثنين، أو يزيد، قبل الخبر، ومما يرشد إلى ذلك: ما سيأتي بالفصل القادم؛ من أن الجبائي لا يقبل في الشرعيات أقل من اثنين، ومفهوم ذلك أنه يقبل اثنين، أو يزيد، ولذا كانت عبارة الجويني في تقرير رأي الجبائي: وذهب الجبائي: إلى أن خبرَ الواحد لا يقبل، بل لا بد من العدد، وأقله اثنان. "البرهان" ١/ ٦٠٧.
فهذا كله يدل على أن الجبائي لا يطلق القول في منع جواز التعبد بخبر الواحد.
على أن ابن السبكي نقل هذا القول عن جمهور الرافضة، ومن تابعهم من أهل الظاهر؛ كالقاساني، وغيره. انظر "الإبهاج" ٢/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>