للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقلَ ينكر التوقف عن الشروع في السفرِ، لما يخبره الواحدُ عن مضرةٍ تلحقهُ، ولا ينكر الإقدامَ على السفرِ؛ لإخبارِ الواحدِ له بمنفعةٍ يدركها.

فإن قيل: أمَّا الخبرُ من جهةِ الواحد في بيانِ الأمور الدنيوية، لا يُشبهُه الخبرُ بالتعبداتِ، ولهذا لا يقفُ وجوبُ العملِ والتحرز في الأمَورِ على العدلِ، بل الفساق إذا أخبرونا بسبعٍ أو قاطعِ طريقٍ، وجبَ في العرفِ التحرزُ والتوقفُ عن سلوكِ الطريقِ، ولا نبني حكماً شرعياً على خبرِ فاسقٍ.

(١ قيل: لا نُسَلِّمُ، بل الفاسقُ إذا حَذَّرَ من سَبُعٍ، أو قاطعِ طريقٍ، قَدْ نَقصِدُ إليه ١) ...

ومنها: أنَّ الاتفاقَ حاصلٌ بأنَّ الشرعَ لا يأتي إلا بمجوَّزاتِ العقولِ، فأمَّا موانعُها، وما لا تجيزهُ، فلا.

وقد وردَ الشرعُ بالعملِ بقولِ الشاهدِ والشاهدينِ والأربعةِ على حسب الأحكام، والعملِ في الأحكامِ بقولِ المفتي، وإن جازَ عليهم السهو والخطأ، ولم يقبح ذلكَ في العقل، وإن كان قول المفتي يستند إلى استنباطٍ أو دليلٍ، قد يخطىءُ فيه أو يصيبُ، فالرجوعُ إلى قولٍ وخبر يسنده إلى سماعِه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أَوْلى أن يُعملَ به.


(١ - ١) هذا الجواب أثبتناه من هامش الأصل، وإن لم يحل الناسخ إليه بتخريجة كما هو معتاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>