للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما الِإقرار؛ فضربان: إقرارٌ على قَولء، وإقرارٌ على فِعل.

فالقول؛ مثل ما روي أنه سَمع رجلًا يَقول: الرجل يجد مع امرأتهِ رَجلًا، إن قَتل قَتلتموه، وإن تكلَّم جَلدتمهوه، وإن سكتَ سَكتَ على غَيظ، أم كيف يصنع (١)؟، فكأنَه لما سكتَ، قال ذلك.

والثاني: أن (٢) يَرى من يَفعل شيئاً، فيسكت عَنه، مثل ما روي أنه رأى قَيسَ بن قَهْدٍ يُصلي رَكعتي الفَجر بعد الصبح، فلم يُنكر عَليه (٣)، فكأنه فعلَ هذا أو أجازه نطقاً. وقراره لأبي بكرٍ الصديق على الاجتهاد بحضرته، وقوله: إن أقررتَ أربعاً رَجَمكَ رسول الله (٤).

وهذا، وإن كان قَولاً فَقد صَدَرَ عن اجتهادِ القَلب.


(١) أخرجه من حديث عبد الله بن مسعود: أحمد ١/ ٤٢٠ و٤٤٨، ومسلم (١٤٩٥)، وأبو داود (٢٢٥٣)، وتمامه: فقال: " اللهم افتح" وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} فابتلي به ذلك الرجل من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاعنا، فشهد الرجل أربعَ شهادات بالله: إنه لمن الصادقين، ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فذهبت لتلعن فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - "مه"، فأبت، فلعنت، فلما أدبرا قال:" لعلها أن تجيء به أسودَ جعداً"، فجاءَت به أسود جعداً.
(٢) في الأصل: "أنه".
(٣) أخرجه أحمد ٥/ ٤٤٧، وأبو داود (١٢٦٧)، والترمذي (٤٢٢)، وابن ماجه (١١٥٤)
(٤) أخرجه أحمد ١/ ٨، وأورده الزيلعي في "نصب الراية" ٤/ ٧٧، من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً، فجاء ماعز فاعترف =

<<  <  ج: ص:  >  >>