للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في معنى قولِهم: الطبْع

وقد نطقَ بذلك أهلُ الطبْعِ (١)، ثم دارَ بين أهل الكلامِ، وقد تَعَدَّى إلى أهل الفقهِ، فنطقَ به الخُراسانِيُّونَ من أصحاب أبي حنيفةَ، فقالوا في مسألةِ طهارةِ الحَدَثِ: لا تَفْتَقِرُ إلى النيةِ؛ لأَن طَبْعَ الماءِ إزالةُ الحَدَثِ والنَّجَسِ، فلا يَفْتَقِرُ في كونِه رافعاً إلى النيَّةِ (٢). وما ذلك إلا خَطَأ كبير لمَنْ كَشَفْنا له عن حقيقةِ القولِ بالطبْعِ.

فصل

فالطَّبْعُ عندَ القائلينَ بإثباتِه: هو الخاصةُ التى يكونُ الفعلُ بها من غيرِ جهةِ القدرةِ، وليس عندَ أهلِ الإِسلام حادث يَحدُثُ من غيرِ جهةِ القدرةِ؛ لأن الحوادثَ خلقُ الله سُبحانَه، فلم يَبْقَ لغيرِه حادث يصدرُ عنه.

والخاضَةُ عندَهم على ضربَيْنِ:

طبع معروث عندهم، كالحرارةِ في النارِ، والبُرُودَةِ الدائرةِ بين النَّارِ والهواءِ، والرُّطُوبةِ في الماءِ، واليُبُوسَةِ في الترابِ والحَجَرِ.

وطبعٌ مُبْهَمٌ، كجَذْبِ المِغْناطِيسِ للحديدِ، وعملِ السَّقَمُونيا (٣) في


(١) تقدم التعريف بهم في الصفحة (٢١) الحاشية رقم (٢).
(٢) انظر "المغني" ١/ ١٥٦ - ١٥٧.
(٣) نبات يسبتخرج من تجاويفه رطوبة دبقة، وتجفف وتدعى باسم نباتها أيضاً، مضادتها للمعدة والأحشاء أكثر من جميع المسهلات، تسهل المرة الصفراء =

<<  <  ج: ص:  >  >>