للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣)} [الروم: ٢ - ٣]، {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: ٢٧]، فلا يجوزُ مع هذه النصوص، أن يقول بالبداءِ مؤمنٌ بكتاب الله العزيز.

فأمَّا من جهةِ العقول: فإنَّ (١) الذي دل على كونه عالماً، أنه سبحانه أتقنَ صنائعه، إتقانَ من قد علم حاجتها إلى ما أعدَّ فيها من الأجزاء والأعضاءِ والمشاعر، التي سدَّ كلٌّ منها مَسَداً (٢)؛ لولاهُ لتعطل بمعدمه غرضٌ، واختل باختلاله أَرَبٌ، وهذا دال على دَركِ المستقبلات من الأمور، وأن البداءَ لا يجوزُ إلا على جاهلٍ بعواقبِ الأمورِ، والله سبحانه بريءٌ من ذلك؛ بما دل من نصوص كتابه، وأدلة العقول على أنه العالم بكل ما يصح أن يعلم، فبطل القول بالبداءِ.

فصل

[في] شُبَهِهم

قالوا: قال الله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩]، وهذا يَدُل على البداء.

قيل: غايةُ ما يدل هذا: على أنه يفعلُ ما يشاءُ من مَحْوٍ وإثباتٍ، وقد قيل في تفسير هذه الآية: يَمْحو الله السيئاتِ بالتوبة والإسلام، ويُثْبِتُ بالإصرارِ، وقيل: يمحو الله ما يشاءُ من الأحكام بالنسخِ، ويُثْبِتُ بالتشريع ما يشاءُ من الأحكام، وقيل: من الشرائع، وهو الأشبه؛ لأنه قال: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ


(١) في الأصل: "بأن".
(٢) في الأصل: "سداً".

<<  <  ج: ص:  >  >>