للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قولهم: لا يخلو مُدَعي الوجوب بمجرّدِ هذه الصيغةِ أَنْ يكون عَرَفَ ذلك بعقل أو بنقل، لا يكون بالعقل، لأنه ليس بطريقٍ لوضعِ اللغاتِ، أوْ بالنقلِ، ولا يخلو أنْ يكونَ تواتراً أو آحاداً، فلو كان تواتراً لعلمناه جميعاً ضرورةً، واشتركنا في معرفتِهِ، كسائرِ ما تواترَتْ به الأخبارُ، وإنْ كان آحاداً، فلا يَثْبُتُ به هذا الأصلُ العظيمُ الذي ينبني عليه حكمُ الشرع من الإيجاب والحَظْرِ، ويستند إليه (١) استحقاقُ الوعدِ والِإثمِ، وطريقُ مثله العلمُ دوَن الظن.

ومما تعلقوُا به، أن هذه الصيغةَ قد وردتْ في الندب أكثرَ مِنْ ورودِها في الوجوب، ولو كانت للإيجابِ لما غَلَبَ استعمالُهَا في غيرِ موضوعِها، على اسَتعمالِها فيما وضِعَتْ له.

فصل

في جميعِ الأجوبةِ

أما دَعْواهُم وُرودُها لمعانٍ مختلفةٍ ومقاصدَ متغايرةٍ ومتضادةٍ، فهي مشتركة كلَوْن وجَوْن، فليس بكلام يتحققُ عند علماءِ أهلِ اللغةِ؛ لأنَّ الصيغة المُتَجردةَ وهي لفظةُ: (افعل) من الأعلى للأدنى لم تُوضَعْ عندهم إلّا لاستدعاءِ الفعلِ خاصّةً.

ودلالةُ ذلك: أنَه لا يَحْسُنُ بالمُستدعى منه الاستفهامُ والاستفسارُ، بأنْ يقول: هل تستدعي مني الفعلَ، أو تُهدِّدني، أو تعجّزني؟ بل يقبحُ ذلك من العبدِ والأدنى في الجملة، بخلاف قوله: اصبغْ ثوبي


(١) في الأصل (إلى).

<<  <  ج: ص:  >  >>