للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغربِ والمشرقِ، تعذر تجميعُ (١) أقوالِها وتحصيلُ إجماعِها، والله سبحانَه لا يوقِفُ حكماً مِنْ أحكامِهِ على ما لا يتحصَّلُ مِنَ الأَدلةِ.

ومنها: أن قالوا: ما لا يصحّ إثباتُهُ إلاَّ بالدليل، لا يُجعلُ قولُ أهلِ العصرِ حجَّةً ودليلاً لإثباتِهِ، كالتَّوحيدِ، وما يجبُ للهِ مِنَ الصِّفاتِ، ونفى ما لا يجوزُ عليه، وتجويزِ ما يجوزُ عليه.

فصل

يجمعُ الأجوبةَ عن شبههم

فأمَّا قولُهُ تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] فهوَ كما قالَ سبحانَهُ، وليسَ في إثباتِ الاجماع ما يمنع من كونِ الكتابِ تبياناً لكلِّ شيءٍ، لأنَّ الاَيَ الذي استدْلَلْنا بِهِ على الإجماع مِنْ كتابِ الله (٢)، والاَيَ التي أثبتْنا بها القياسَ وفحوى الخطابِ وغيرَ ذلكَ مِنَ الأدلةِ؛ فما مِنْ دليلٍ إلا والقرآنُ أصلٌ لَهُ.

وأما قولُهم في خبرِ معاذٍ: لم يذكرِ الإجماعَ، فلأَنَّ الإجماع لا يتحققُ شرطُهُ، فإنه لا يكونُ حجَّةً معَ وجودِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يتحققُ بعدَ موتِهِ - صلى الله عليه وسلم -[لذَلك] لم يذكُرْهُ معاذٌ، ولا انتقلَ إليه بعدَ السّنة.

وأمَّا قولُهم: إنَّ النبيَّ جَوَّز على الأمةِ الضلالَ والكفرَ، فنحنُ لا نمنعُ


(١) في الأصل: "جميع".
(٢) في الأصل: "من كتاب الله على الاجماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>