للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ذلكَ، ولا جَعْلُ الإجماع حجَّةً مانعٌ (١) مِنْ كونِ الأمَّةِ يجوزُ عليها الضَّلالُ، فيُجمعُ بين الأمريْنِ والخبرين: المِدْحة (٢) وذكرُ العدالةِ، والذمُّ على اتِّباع غيرِ طريقِهم، فالمذمُومونَ: العوامُّ، وفساق العلماءِ، وأهلُ البدع، لا يدخلونَ في أهلِ الإجماع، لأنَّ أهلَ الاجتهادِ العدولَ المتبعينَ للسُّنةِ همُ الذينَ يُعتدُّ بأقوالِهم في الاجماع، فالمدحُ عادَ إلى مَنْ كمُلتْ فيه صفات الاجتهادِ، والذمُّ عادَ إلى الفساقِ وأهلِ البدع. وكما أَنة ذَمَّ فساقَ أهلِ آخرِ الزمانِ فقدْ مدحَ خيارَهم حيثُ قال: "واشوقاه إلى إخواني"، قالوا: يا رسول الله، ألسنا إخوانك؛ قال: "أنتُم أَصحابي، وإخواني قومٌ يأتونَ مِنْ بعدِي" (٣)، وقال: "فهم النُّزَّاعُ من القبائل" (٤)، وقال: "فهم الهُرَّأب بدينهم من شاهقٍ إلى شاهق"، وقال: "فَهُم الذينَ يَصْلُحون إذا فَسَدَ الناس" (٥)، فما كانَ مِن الذّمِّ عادَ إلى أهلِهِ مِمَّنْ فسقَ مِنْهُم أو ابْتَدعَ، وما كانَ مِنْ مَدْحِ عادَ إلى مَنْ بَرَّ وعَدل. وأهل الإجماع إنما يكونونَ في غالِبِ الأحوالِ عدداً يسيراً، وهذا لا يضادُّ قولَه في خبرِنا:


(١) في الأصل: "مانعاً".
(٢) في الأصل: "فالدحة".
(٣) أخرجه بنحوه أحمد (٧٩٩٣)، ومسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة. وأحمد (١٢٥٧٩) من حديث أنس بن مالك.
(٤) أخرجه أحمد (٣٧٨٤)، والترمذي (٢٦٢٩)، وابن ماجه (٣٩٨٨) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٥) أخرجه اللالكائي في "السنة" (١٧٣)، والطحاري فى "شرح مشكل الآثار" (٦٨٩)، والبيهقى في "الزهد" (٢٠٠) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>