للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَ المنهيِّ عنه يلائم الكفرَ في كونه معصيةً، فحسُنَ أن ينصرفَ الخطابُ إِليه بتركه كما انصرفَ إِليهِ الخطابُ بتركِ الكفرِ، والطاعاتُ بخلافه.

ولأنَّ النهيَ لما تعلق عليه وتناوله الخطابُ به تعلقت عليه أحكامُه وهي الحدود والعقوباتُ والتعازير، والطاعات لا تتعلقُ عليها أحكامها إذا وجدت منه.

وأما النهيُ فإنه يصحُّ منه ترك مع الكفرِ، والطاعةُ لا تصحُّ منه.

وأما قولكم: إنه مزاحُ العلةِ غيرُ صحيح، لأنَّه لو أزيحت علّته، لصحَّت منه، فأمَّا إذا أُتي بها، فلم تقبل ولم يعتد له بها، فلا تصحُّ دعواكم إزاحةُ العلة في حقه.

فصل

في جمعِ الأجوبةِ عن الأسئلةِ

أمَّا إطلاق القولِ بأنها لا تصحّ منه، لا يسلَّم فإنَ العباداتِ تصحُّ منه مع تقديمِ شروطِها، ولو جاز أن يقال: لا تصحُّ منه مع الكفر، فلا يخاطَبُ بها. لجاز أن يقال: لا يصحُ من غيرِ العلم بحدث إثبات صانع، ولا يصحُ من غيرِ العالمِ بالصانعِ إثباتُ أنَه واحد، فلما خوطبَ باعتقادٍ لا يَصُّح إلا بتقدم اعتقاد مثله، كذلكَ جازَ أن يُخاطب بفعل ما لا يصحُّ فيه إلا بتقدّم اعتقادٍ قبله، أوَلا يرى أيضاً أنه لا تصح من المحدِث صلاة، فلا يخَاطبُ بها، بل يقالُ: تصحُّ منه بأداءِ شروطها، وتقديم مقدَماتِها من الوضوء والاغتسالِ، ولا يقال: لا يصح من النجار عملُ بابٍ ولا دولابٍ، إذ ليس معه آلة ذلك، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>