للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت المعتزلةُ: لا يجوز أن يَرِدَ الأمرُ من الله إلا بأمرٍ مُؤقتٍ مُنقطع، وإنما يحتملُ ذلك إن وردَ على الحثِّ والتمسك بالفعل (١).

فصل

جامعٌ لأدلتنا

فمنها: أنه ليس بأمرٍ بمُحالٍ، ولا يُستبعدُ من الآمرِ ولا المأمور؛ لأنَ الله سبحانه مالكٌ للمأمورِ مُلكَ عينٍ وإنشاءٍ، قادرٌ على الإمدادِ بالبقاء، والإعانةِ على الفعلِ، وإزاحةِ العلةِ فيه بتكميل شروطه، فلا وجهَ للمنعِ منه.

ومنها: أنَّ الناسَ قائلان:

قائلٌ بوقف الأمرِ على الأصلح، وقد يكون الأصلحُ ذكرَ التأبيد والدوام.

وقائل يقول: إنَ الله يتصرف بحكمِ المشيئة المطلقةِ والملكَة، فعلى هذا لا معنى للمنع، إذ لا آمر ولا ناهٍ دته سبحانه عمّا يريد فعلَه وإيجادَه، أو تركَه والإخلالَ به.

ومنها: أنَ العمومَ على ضربين؛ عمومُ أفعالِ في أعيانٍ، وعمومُ أفعالِ في أزمانٍ، ثم إنه يجوزأن يَرِدَ من جهته سُبحانه الأمرُ بإخراجِ جميعِ ما يملكُه من المال، وذبحِ جميع ما لَه من بهيمةِ الأنعام، كذلك لا يمتنعُ أن يجوزَ تكليفُه أن يَستنفدَ أيامَ عُمُرهِ فيما أُمر به من العبادةِ على الدوام.

ومنها: أنَّ التكليفَ على ضربين: أمرٌ، ونهي، ثم إنه يجوزُ أن يُؤيدَ النهيَ فيقول: لا تَشرب الخمرَ أبداً، ولا تَزْنِ ولا تَلُطْ أبداً. كذلك الأمرُ بالطاعةِ يجوزُ أن يأمرَ بها أبداً، ولا فرقَ بينهما؛ لأنهما أحدُ خطابي التكليف.


(١) انظر "المعتمد" ١/ ١٠٤، و"العدة"٢/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>