للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

والدلالةُ على أنَّهُ كان متعبداً: هو أنُه كان يتجنَّبُ ما عليه [قومه] (١) ويتحنثُ بما (٢) كان يعلمُه ويَتعلَّمُه (٣) من شريعةِ إبراهيمَ، فإن كان إلهاماً من الله سبحانه، فهو تشريعٌ، وإن كان لما بلغهُ، ورويَ له، فهو أيضاً اتباعٌ لشرعٍ، وإن كان موافقةً منه لِما أنزل الله، فهو عِصمةٌ (٤) عن أديانِ الوَثنيين.

وكان يتعبُ الحيوان ويكدُّه بمقتضى الشرائع، لا بمقتضى البراهمة وجُحَّاد النبوات، وأكلَ اللحْمانَ، وذبح الحيوانَ، فالظاهرُ أنه تدينَ بالشرائعِ؛ إذ يبعدُ أن يكون هذا بتَواقعٍ وقعَ له، فإذا كان بإلهام، فهو تشريع ألهمهُ الله به اتباع الشرائعِ.

فإن قيل: وما تنكرُ أن تكون قد أَخْلَلْتَ بطريق لم تُعْنَ به؟ وهو الطريقُ الذي يُسْلَكُ قبلَ الشرائعِ، وهو العملُ بمقتضى العقلِ، فالعقلُ (٥) لا يُسَوَّغُ عبادةَ الأصنام، ولا الاستقسامَ بالأزلامِ، ولا السُّكْرَ، ولا شيئاً (٦) من مقبحاتِ العقول هذه (٧).

فيقال: فالعقلُ لا يؤلمُ الحيوانَ لغيرِ مصلحةٍ له، ولا يُسوِّغُ إتعاب


(١) ليست في الأصل
(٢) في الأصل: "ما".
(٣) في الأصل: "ويتعلم".
(٤) في الأصل: "وعصمه".
(٥) في الأصل: "والعقل".
(٦) في الأصل: "شيء".
(٧) كان موضع "هذه" في الأصل قبل قوله: "مقبحات"، والجادة إثباتها

<<  <  ج: ص:  >  >>