إلى شهادة مَنْ حضرَ على ما قالَه قبلَ أن أَظهرَ ما يَلزمُه عليه خوفاً من جَحْدِه إياه، أو مكابرتِه فيه.
ومنها: أن يجحدَ مذهباً له، أو الرئيسَ الذي ينتحلُ قولَه.
ومنها: أن يجحدَ ضرورةً يشتركُ أهلُ العقولِ فيها، ويدَّعيَ أن الحقيقةَ معه في جحدها، وإنما يُطلِقُونَ ما أَطلَقُوا من إثباتها على جهة المجَازِ دون الحقيقة.
فصل
في الانقطاع بالمُناقَضَةِ
اعلم أن الانقطاعَ بالمناقضة: عجز عن الاستتمام بالحُجَّةِ إلى المناقضة، وهو دون المكابرةِ؛ إذ قد يَرَى ما يلزمُه على القول الأولِ فيرجعُ إلى نقيضْه، ولا يُكابِرُ فيه.
وإنما كان انقطاعاً؛ لأنه لمَّا ضَمِنَ النُّصرةَ لشيء، فلم يُمكِنْهُ حتى عدلَ إلى خلافه، كان ذلك عجزاً عن استتمام الحُجَّةِ به، وذلك كابتداء بعضِ الخصوم لنصرةِ القولِ بالرويَةِ؛ من جهة أن إدراكَ البَصَرِ: هو إحاطةُ البصرِ، فلما رأى ما يَلزَمه على ذلك، قال: ليس إدراكُ البصرِ بمعنى الِإحاطةِ في الحقيقة، ولكنَّه بمعنى الاتِّصالِ والمُخالَطة، فهذا مُنقطِعٌ عن استتمام النصرةِ من الوجه الأولِ، وإن كان ما صار إليه ظاهرَ الفسادِ؛ لأني قد أُدرِك السماءَ وإن لم يَكُنْ على الاتصال والمخالطة، وعلى أن سبيلَ رؤيةِ البصر كسبيل إدراك البصرِ، فإن وجبَ أن إدراكَ البصرِ لا يكونُ إلا باتصالٍ ومخالطةٍ، فرؤيةُ البصر لا تكونُ إلا باتصالٍ ومخالطةٍ، وصاحبُ المذهب الفاسدِ مُتحيِّرٌ