للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذاك كله إلا لتفاوتهم في قوة النظر في الإلحاق والقَطع.

فصل

فالنظرُ الأول: في فَهم مخارج كلامِ الشارع.

والنظرُ الثاني: في استخراج العِلَل إن كانت، وإسقاط التعليل إن لم يكن.

والنظر الثالث: في الجَمْع والقَطع.

فالأول؛ مثل ما رَوى أصحابُ أبي حنيفةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا رِبا في دَارِ الحَرب" (١)، وادَّعَوا أن المُرادَ به نَفيُ حُصولِ الرِّبا. وفَهِم أصحابُنا، وأصحابُ الشافعي نَفيَ الحكم نَهياً لا رَفعاً إلحاقاً بقوله: "لا جَلَبَ ولا جَنَب ولا شِغَار" (٢). وقوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ}


(١) أورده الزيلعي في "نصب الراية" ٤/ ٤٤، وقال: قلت: غريب، وأسند البيهقي في "المعرفة في كتاب السير" عن الشافعي، قال: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ربا بين أهل الحرب"، أظنه قال: "وأهل الِإسلام"، قال الشافعي: وهذا ليس بثابت، ولا حجة فيه.
(٢) أخرجه أحمد ٤/ ٤٢٩ و٤٣٩ و٤٤٣، والنسائي ٦/ ١١١ و٢٢٨، وأبو داود (٢٥٨١)، والترمذي (١١٢٣)، والبيهقي ١٠/ ٢١ من حديث عمران بن حصين.
وقوله: "لا جلب": الجلب يكون في شيئين: أحدُهما: في الزكاة وهو أن يَقْدَم المصَدق على أهل الزكاة فينزل موضعاً، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهي عن ذلك، وأَمِر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. الثاني: أن يكون في السباق: وهو أن يَتْبَع الرجلُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>