للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبة عن شُبَههم

أما الأولُ؛ فلا نُسلمُه؛ لأنَ حالَ وجوده عندنا حالى مقدورة وأما إلزامنا حال بقائه على حالِ حدوثه؛ فباطلٌ؛ لأنَّه حال حدوثه مفعول ومتعلق بفاعلٍ، وحالَ بقائه غيرُ مفعولٍ ولا متعلِّق بفاعلٍ، وكما يصحُ عندنا وعندَهم تعلقُ الإرادةِ بالفاعل في حالِ حدوثه وإن كانَ موجوداً فيها، ولم يصح تعلقُها به حالَ بقائِه، فبطلَ أن يكونَ حالُ الحدوثِ كحالِ البقاء.

وأمَّا دعواهم أن مقارنَته تُحيلُ معناه من حيثُ إنه دلالةٌ، وبكونه موجوداً استغنى عن دلالةٍ.

فيقالُ لهم: إنَ الأمر أمران، وللأمرِ الواحدِ حالتان، يكونُ في إحداهما دلالةً على الفعلِ، وترغيباً فيه، وحثاً عليه، وهي حالةُ تَقدُّمِه على المأمورِ به، وحالةٌ يخرجُ عن ذلك، وهي حالةُ مُقارَنتهِ (١) للمأمور به. وأما إذا كان أمرين، فالمتقدِّمُ منهما دلالةٌ وترغيب، والمقارِنُ للفعلِ خارجٌ عن ذلك، وقد يخرجُ الشيءُ عن كونه دليلاً لتغير حالِ المدلولِ، كما أنَّ الخبرَ بما سيكون خَبرٌ (٢) بمستقبل حالِه، وإذا كان؛ خرجَ عن كونه دليلاً على أنه سيكون.

وأما طلبُهم الفائدةَ في مقارنَته حالَ (٣) وقوعِه.

فيقالُ: فائدتُه أنها حال يكون فيها مفعولاً ومقدوراً، ويصح فعله، ويصح تركُه على البدلِ من وقوعهِ، وليصيرَ لمصادفته له حَسَناً طاعة حال وقوعِه وقُربةً؛ لأنه لو


(١) حرفها الناسخ في الأصل إلى: "مقارنة".
(٢) في الأصل: "خبراً"، والمثبت هو الصواب.
(٣) في الأصل: "وحال"، والصواب حذف الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>