للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجةٌ، أو لا تظهرَ، فإن كان لا تظهرُ، لم تَخْلُ الآفةُ في ذلك من ثلاثة أوجهٍ:

إمَّا لأنها مغيرةٌ عن الحَدِّ الذي ينبغي أن تكونَ عليه.

وإما لاعتراضِ شبهةٍ عليها تدعو إلى فسادِها.

وإما لأنها لم تُتَأَمَلْ حقيقةَ التأملِ كما يجبُ فيها.

فعلى هذه الأوجهِ الثلاثةِ مدارُ الآمةِ في الحجةِ التي تُوهِمُ أنها شبهةٌ.

فصل

في الفَرْقِ بين الحُجَّةِ والدَلالةِ

الفرقُ بيهما: أن الحجةَ لا بُد من أن تشهدَ بمعنى حكمِ غيرِها، وليس كذلك الدَلالةُ؛ لأنها قد يَحضرُ معناها للنَفسِ من غيرِ شهادةٍ بمعنى حكمِ غيرِها، مثالُ ذلك: قولُك: الجسمُ محدَثٌ، يشهدُ بأن له محدِثاً، فإن قلت: الجسمُ موجودٌ، لم يَشهدْ كشهادةِ الأولِ، فالذي يشهدُ بمعنى حكمٍ آخرَ حجةٌ، والذي لا يشهدُ بمعنى حكمٍ آخَرَ كالذي بَينَا من قولنا: الجسمُ موجودٌ، دَلالةٌ ليست حجةً.

وكلُّ حجةٍ فإن تأثيرَها هو تَمكُنُ المعنى في النفسِ بالشهادةِ له أنه حقٌّ، فأمَّا الدَلالةُ فليست كذلك، وإنما تأثيرُها إحضارُ المعنى للنَّفسِ، إلا أن العبارةَ بالدَلالةِ قد كَثُرَتْ حتى صارت تُوقَعُ مَوْقعَ الحجةِ، يقول القائلُ: ما الدَّلالةُ على كذا؟ ويريدُ: ما الحجةُ على كذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>