للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك كقولِ الدَّهرِيَ: الأجسامُ قديمة؛ لأنه لم يَثبُتْ حَدَثُها بحجةٍ.

فيقالُ له: ما الفصل بينك وبين من قال: الأجسامُ محدَثةٌ؛ لأنه لم يَثبُتْ قِدَمُها بحجَّة؟ وكذلك لو قال: ما الفصلُ بينك وبين من قال: ليست الأجسامُ قديمة؛ لأنه لم يَثبُتْ قِدَمُها بحجةٍ؟ فهذا على السلْبِ في الحقيقةِ، والأولُ على معنى السلْبِ، فكلاهما لازم بالمعارضةِ.

وكذلك لو قال: لا أجَوزُ الاجتهادَ؛ لأني لا أعلمُ صِحتَه.

قيل له: فما الفرقُ بينك وبين من قال: أُجوِّزُ الاجتهادَ؛ لأني أعلمُ صحتَه؟

فصل

في المعارضةِ على الجُزْئي بالكُلَّي

اعلم أن المعارضةَ على الجزئيِّ بالكلي (١): هو مقابلة الحكم الذي يشهد به البعض بالحكم الذي يشهد به الكل (٢)، مثالُ ذلك: قولُك: إذا كان بعضُ (٣) الأفعالِ يشهدُ بأنه لا بُدَّ له من فاعلٍ، فكلُّ فعلٍ يشهد بأنه لا بُدَّ له من فاعل، وكذلك إذا كان بعضُ المحكَمِ المتقَن يشهدُ بأنه لا يكونُ إلا من عالِيمٍ، فكلُّ محكَمٍ متقَن يَشهدُ بأنه لا يكونُ إلا من عالم.


(١) انظر "الكافية" ص ٤٢٦ - ٤٢٧.
(٢) كتبت في الأصل: "الكلي".
(٣) في الأصل: "تغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>