للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذةٍ، إلا إذا ظهرت به المضرةُ عاجلاً، أو كشفت دلالةٌ عن فسادِ العاقبةِ، ولا دلالةَ على ذلك إلا نَقْلٌ عن الأنبياءِ، أو وحيٌ من السماءِ، والوحيُ لم يكن نزلَ عليه بعد، فلم يبقَ إلا نقلُ إنس إليه، وهذا هو الظاهر؛ لأنّ الإنسانَ في العادةِ لا يفارقُ أهلَه وعشيرتَه ويُسَفِّهُهم (١)، ويَمْتازُ عنهم بواقع، وإنما يفعلُ ذلك في اطِّراد العادةِ بمُنبِّهٍ يُنبِّهُه، ومُذكِّير يُذَكِّرُه.

فصلٌ

في شبهِ المخالفين

فمنها: قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، والشِّرْعةُ: الشريعةُ، والمِنْهاجُ: الطريقُ، فدلَّ ذلك على أنه لا يتبعُ الثاني الأولَ؛ لأنَّ الشريعةَ لا تضافُ إلا إلى مَن يُخَصُّ بها، فأمَّا التابعُ، فلا يكونُ له شرعةٌ خصُّه.

فيقال: ليس تخلو شريعةٌ ثانية من مخالفة لما قبلها بنوع نسخ لبعضِ فروعِها؛ من تحريمِ مباح، أو إباحةِ محظورٍ، أو إسقاطِ واجب، فلأجلِ ذلك الخلافِ خصّها باسم: شرعةٍ، [و] أضافها إلى من شرعت له، كما يقول القائل: لكل فقيهٍ مذهبٌ، وإن اتفقوا في بعض المسائل، واختلفوا في بعضٍ، ولا تمنعُ مشاركتهم في بعض الشريعة من كونِ كل منهم له شريعةٌ، كما أن مشاركتَهم في التوحيدِ لا تمنعُ عندهم انفرادَ كل منهم بشريعةٍ.


(١) في الأصل: "ويسفهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>