للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في دلائلنا

فمنها: ماروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: ما شاء الله وشئت، فقال: "أسِيَّانِ أنتما؟! قل: ما شاءَ اللهُ ثم شئتَ" (١)، فلو كانت الواو مرتَّبة، كما أن (ثم) مرتَّبةً؛ لكان قد نقله من حرفٍ إلى مثلِه، فلم يبقَ للنقلِ وجْه، إلا أنَه نقلَه من جمعٍ إلى ترتيبٍ وتقديمٍ لاسمِ الله تعالى رتبةَ المقدم وتأخير المؤخَر بحرفٍ يحصُرُ الترتيب.

ومنها: أنها لو كانت تقتضي الترتيب، لجاز أن تجعل في جواب الشرط كما جعلت الفاء، فإذا قال: إن دخل زيا الدار فأعطِه درهماً، أبدله بقوله: وأعطِه درهماً، فلما لم تدخُل مَدْخَلها، بطلَ أن تكونَ للترتيب.

ومنها: أنَ اللهَ سبحانه أدخلَ الواوَ فيما لا يحتمل الترتيب، فقال: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ} [الأعراف: ١٦١] وقال: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} {البقرة: ٥٨}، ولو اقتضت الترتيب لما أخّر ما قدَّمَه في أحدِ حرفيه، كما لا يجوزُ أن يقالَ: قلنا ادخلوا البابَ ثم قولوا حطة، ثم ادخلوا، وكقول الشاعِر:


(١) أخرج أحمد ٥/ ٣٨٤، وأبوداود (٤٩٨٠) من حديث حذيفةَ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا: ماشاءَ الله وشاءَ فلان، ولكن قولوا: ماشاء الله، ثم شاء فلان".
وأخرجَ النسائي من حديث قُتيلة الجُهَنية أنَ يهودياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تُنَدِّدون وإنكم تشركون وتقولون: ما شاء الله وشئتَ، وتقولون: والكعبةِ، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلِفُوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئتَ. "سنن النسائي" ٧/ ١٦.
وأخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئتَ، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئتَ". "سنن ابن ماجه": (٢١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>