للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنهلٍ فيه الغُرابُ مَيْتُ ... كأنه من الأجونِ زَيْتُ

سَقَيتُ منه القومَ واستقيتُ (١)

ومعلومٌ أنه استقى ثم سقا.

ومنها: أن الواوَ لو اقتضت الترتيبَ لما حَسُن أستعمالُها فيما لا يحتملُ الترتيبَ، وأجمعنا على جوازِ قولِ القائلِ من أهلِ اللغةِ: اشترك زيد وعَمرو ولا يحسنُ أن يقول: اشترك زيدٌ ثم عمرو ورأيت زيداً وعمراً معاً، ولا يحسن أن يقول: رأيتُ زيداً ثم عمراً معاً، ولو كانت تقتضي الترتيبَ، لكان أيضاً كاذباً في خبره، حيث أخَّر في خبرِه المقدمَ في رؤيته.

ومنها: أنَ الواوَ تدخلُ في الاسمينِ المختلفين مثل زيدٍ وعمروٍ، بدلاً من التثنية في الاسمينِ المتفقين، مثل الزَيدينِ، حيث لم تمكن التثنيةُ مع الاختلافِ، وأمكنت مع الاتفاقِ، ثم إنَّ التثنية في المتفقينِ لا تقتضي ترتيباً، كذلكَ الواوُ في المختلفين، ويشهدُ لتساويهما أنه لم يمكن التثنية في زيدٍ وعمروٍ فابدلهما بقوله: رأيتُ زيداً وعمراً رأيتهما، وبقوله: معاً، فعلمت أن التثنيةَ والعطفَ في الاسمينِ المتفقينِ والمختلفينِ ما


(١) قال أبوعبيد البكري في "سمط اللآلي في شرح أمالي القالي": هذه الأشطار قد نسبها قوم إلى العجَّاج، ونسبها آخرون إلى أبي محمد الفَقْعسي، وكذلك قال يعقوب إنها للحذلمي، والأشطار بتمامها:
ومنهلٍ فيه الغرابُ ميْتُ ... كأنَه مِنَ الأجونِ زيتُ
سقيتُ منه القومَ واستقيتُ ... وليلة ذات ندى سريتُ
ولم يلتني عن سراها ليتُ ... ولم تصرني كِنَةٌ وبيتُ
وجمةٍ تسألني أعطيتُ ... وسائلٍ عن خَبَري لويتُ
فقلت لا أدري ولا دريتُ
والمنهل: هو الماء، والأجون: جمع آجن: وهو الماء المتغير الطعم واللون. انظر "سمط اللآلي" ١/ ٢٠١، "الأمالي" ٢/ ٢٤٤، "لسان العرب" ٩/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>