للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما عقلوا (١) بالإثبات، جاءَ بنفي التشبيهِ، ولو بادأهمْ بالنَّفى، لأُحيلَ الإثباتُ، ثمَّ جاءتِ الأخبار والآثارُ بما يطابقُ القرآنَ، وكانَ القومُ أهلَ معاريضَ ورموزٍ واستعاراتٍ وتحاذيفَ (٢) ومقاديرَ، فإذا قالَ: "الحجرُ الأسودُ يمينُ الله" (٣)، علموا أنَّه أرادَ: جعلَهُ كيمينِ المصافح، فإذا قال: "الريحُ نَفَسُ الرحمن" (٤)، علموا أنَّه أرادَ: تَفعل ما يفعلُ النفسُ مِنْ تنفيسِ الكُربِ، وترويح دواخل الأجسام، وبواطنِ الحيوان، وإذا قال: " اشدُدْ وَطْأتَكَ على مضر" (٥)، و"آخر وطأةٍ وطئها الله بوَج" (٦)، علموا أنَّهُ أرادَ: العذابَ، لا الدوسَ بجارحة الرِّجل، وعلى هذا فما أغنانا مع هذهِ الطريقةِ عَنْ ردِّ آثارٍ رواها الثقاث الأَثْباتُ الذينَ بنيْنا على رواياتِهم إراقةَ الدماءِ المحقونةِ، واستباحةَ الفروج المعصومةِ.

فصل

في شبههم

قالوا: إن الاستلانةَ والمساهلةَ في سماع هذه الأحاديثِ وقَبولِها فيهِ منَ


(١) في الأصل: "عيعوا".
(٢) في الأصل: "وتحاويف".
(٣) أخرجه الخطيب في "تاريخه" ٦/ ٣٢٨ من حديث جابر.
(٤) أخرجه عبد بن حميد من حديث أبي الدرداء كما في "المطالب العالية" (٣٣٧٣)، ولفظه: "الريح نفس الله".
(٥) أخر جه أحمد (٧٢٦٠)، والبخاري (٦٢٠٠)، ومسلمِ (٦٧٥) (٢٩٤)، والنسائي ٢/ ٢٠١، وابن ماجه (١٢٤٤) من حديث أبي هريرة مطولاَ.
(٦) أخرجه أحمد ٤/ ١٧٢ من حديث يعلى العامري، و ٦/ ٤٠٩ من حديث خولة بنت حكم. و"وجُّ ": اسمُ وادٍ بالطائف لا بلد به. "القاموس": (وجّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>