للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ويجوزُ أن يُراد بالكلمةِ الواحدةِ معنيانِ مختلفان (١)، ومعانٍ مختلفة، وبه قالَ الفقهاءُ والأصوليون مِن أهلِ السُّنَةِ.

خلافاً لابنِ الجبائي، وفرقةٍ وافقته من أصحابِ أبي حنيفةَ في قولِهم: لا يجوزُ ذلك إلا أن تتكررَ اللفظةُ أو تَرِدَ في وقتين مختلفينِ، يُرادُ بها في أحدِ اللفظين، أو في أحدِ الوقتين معنى وفي الآخرِ خلافهُ.

ومثالُ ذلك فيما يُفيدُ معنىً واحداً، كلونٍ يفيدُ تغييرَ هيئةِ الجسم، وإنْ اختلفتِ الألوانُ بين سوادٍ وحُمرةٍ، وما يُفيدُ معانيَ مختلفةَ المنافعِ والمقاصدِ، كجاريةٍ تقعُ على السفينةِ، والحدثةِ من النساءِ، وعينٍ تفيدُ الذهبَ، وعينَ الماءِ، والعينَ المبصرةَ، وبيضةٍ تفيدُ بيضَ الطائر، والخُوذةَ، ونكاح يفيدُ الجماعَ والعقدَ، والقروءِ تُفيدُ الحيض [والطهر] (٢)، والشفقِ يُفيدُ الحُمرةَ والبياضَ.

والدلالةُ على صحةِ جوازِه، أنَّ كلُّ عاقل يعلمُ أنَّ قولَ القائلِ: لاتنكِحْ ما نَكَحَ أبوكَ، يصحُّ أنْ يُقصدَ به، لاتعقدْ على ما عقدَ عليه أبوك ولا تطأ منْ وطأ أبوكَ، وإذا نهى عن مَسَاسِ النساءِ، حَسُنَ أن يُقْصَدَ به الوطءُ واللمسُ باليدِ، فإنَّ ذلكَ ليس بمُستقبحٍ في النُطقِ، ولا مُستحيلٍ في العقلِ، فمن ادَّعى امتناعَ ذلك فقد ارتكبَ ما يدفعهُ الوجودُ.


(١) في الأصل معنيين مختلفين، والصواب هو ما أثبتناء.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>