للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني من الدَّلائل على ذلك: أنَّا لو قَطَعْنا على كونِ الحقِّ مَعَنا فيما أَدَّى إِليه اجتهادُنا، لفَسَّقْنا أَو كَفرْنا، وضَلَّلنا مُخالِفَنا، كما قُلْنا فى الأُصولِ، لَمَّا كان على مسائِلِها دلائِلُ قاطعةٌ، ضَلَّلْنا المخالفَ فيها، فلَمَّا لم نضَلِّلْ مُخالِفاً في هذه الأَحكامِ، عُلِمَ أَنَّها ظَنِّيَّةٌ غيرُ قطعيَّةٍ، وصارت أَدلَّةُ الأَحكامِ الفِقهيَّةِ (١) بمثابة بيِّنةِ الحقوقِ وأَماراتِ القِبْلةِ بم فإنَّ الشَّهادةَ مما تَثْبُتُ بها الأَحكامُ، والأَماراتِ تُوجِبُ استقبالَ الجهةِ أنت دَلًّتْ عليها.

فصل

يجوزُ التَّعبدُ بالاجتهادِ في عَصْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ كان غائباً عنه وبمحضرٍ منه - صلى الله عليه وسلم -.

وقال قوم من المُتكلِّمينَ: لايجوزُ التعبُّدُ بالاجتهادِ في عصرِه، لا مَعَ الغَيْبَةِ عنه، ولا مَعَ الحضورِ عندَه.

وقال قومٌ: يجوزُ التَّعبُّدُ لمَنْ غابَ عنه من أَصحابه وخُلَفائِه وقُضَاتِه، وأَنَّه قد وَرَدَ بذلك السَّمْعُ عنه - صلى الله عليه وسلم -.

وذَهبَ بعضُهم: إِلى جوازِ التَّعبُّدِ بذلك لمَن لم يَمْنَعْه من ذلك، وجَعَلُوا عَدَمَ المَنْع كالإذنِ (٢) منه.

ويجوزُ التَّعبُّدُ به في عصرِه، مَعَ الغَيبَةِ، وبحَضرَتِه. قالَه (٣) أبو بكر ابنُ


(١) في الأصل: "الفقيه".
(٢) في الأصل: "كالأمر".
(٣) في الأصل: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>