مذهَبهُ، ولا مذهبَ أحد من أهلِ اللغةِ، ولا مذهبَ أحدِ من العقلاءِ على اختلافِ لغاتِهم.
وإن قالَ: بلْ أثبتهُ متكلماً بأقسامِ الكلامِ.
قيلَ: ففي أقسامِ الكلامِ ما لا بدّ لهُ من متعلقٍ، وهو الأمرُ يفتقرُ إلى مأمورٍ، والنهى يفتقرُ إلى منهي، ومع ذلكَ لم تجعلْه آمراً بعد أن لم يكن آمراً، كذلك كونُه مخاطباً ومتكلماً، ولا فرقَ.
فصل
ولا يجوزُ على كلامِ الله الاختلافُ ولا المناقضةُ، ويجوزُ منهُ وعليهِ المجازُ والاشتباهُ.
ولا بُدٌّ أن يوضح معنى كلِّ واحدٍ من هذين المنفيين والجائزين، فالاختلافُ والمناقضةُ تدخُل على الألفاظِ والمعاني، فدخولُها في الألفاظ، مثلُ قوله: زيدٌ حيٌ لا حيٌ، وعمروٌ عالمٌ لا عالمٌ.
والمناقضةُ في المعنى: فلانٌ حيٌ ميتٌ، أو عالمٌ جاهلٌ. وهذا القبيلُ قد نفاهُ الله سبحانه عن كلامهِ بقوله: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢].
ونفاهُ دليلُ العقلِ عنه، لما وجبَ لذاتِه سبحانَه وصفاتِه من الكمالِ وعدمِ النقائصِ، والكلامُ من صفاتِه، وقد نفى سبحانه التفاوتَ عن أفعالِه بقولِه:{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}[الملك: ٣]، فكانَ ذلك تنبيهاً على نفيِ النقائِص عن صفاتِه.
وأما المتشابهُ: فما تردَّد بين معنيين، أو معانٍ عدةٍ مختلفةٍ في وضعِ اللغةِ، ودخلَ ذلك على أحكامِه، وبين أفعالَه وصفاتِه.