من يوصيهِ، فالله سبحانهَ أحق بهذِه الحقيقةِ، لأن الموصي يجوزُ أن تحولَ بينَ وصيتهِ والموصى لهُ العوائقُ، وتقطعَ عنها القواطُع، واللهُ سبحانه العالمُ بكونِ ما يُكَوَّنُهُ، وخلقِ ما يخلقهُ، فيتناولُه أمرهُ ونهيهُ، ولو تَعَذرَ ذلك في الشاهدِ، ولم يتحققْ في حق أحدٍ من المخلوقين، أن يكون آمراً ناهياً مكلماً، إلا بوجودِ من يأمرهُ ويخاطبهُ، لما جازَ أن يقفَ كلامُ الله وأمرهُ سبحانَه ونهيهُ، على وجودِ من يكلمهُ ويأمُره وينهاهُ، كما أن أسماءَ المخلوقينَ، لا تتحققُ إلا بايجادِ الأفعالِ، واللهُ سبحانَه سمى نفسه بأسماءٍ مشتقةٍ من أفعال مستقبلةٍ، وأسماؤهُ لم تفارقْه ولا تزايلُه، فهو سبحانه الإِلهُ ولا مألوهَ، والربُّ ولا مربوبَ، ولا أحدَ من المسلمينَ استجازَ أن يقولَ في تشميةِ الباري إلهاً ورباً: إنهُ مجازٌ، أو إنه لم يكنْ رباً قبلَ الخلقِ ولا إلهاً. فثبتَ أنهُ آمرٌ ناهٍ، مخبرٌ متواعدٌ لم يزلْ، كما أنه لم يزلْ متكلماً، ومن طلبَ لأمرِه وجودَ المأمورِ ولنهيهِ وجودَ المنهي، وادّعى أنهُ متى كان آمراً ولأ مأمورَ، لم يكُ مفيداً، وإنَّما يكون مفيداً إذا تعلقَ بالمأمورِ المنهي، فإنما تطلبُ الفائدةُ من حيثُ جعلَ كلامهَ فعلاً، ولا يتحققُ هذا إلا من قائلٍ بحدثِ الكلام وخلقهِ، فأمَّا من لم يَطلبْ لكونهِ متكلماً فائدةً، كذلك يلزمهُ أن لا يطَلبَ لكونه آمراً ناهياً فائدة.
قيلَ لهُ: فهلْ أثبتَه متكلماً لا آمراً ولا ناهياً ولامثْبتاً لهُ بكونهِ متكلماً أقسامَ الكلامِ؛ فإن قال: نعم، فقد خرجَ عن حد المثبتينَ للكلامِ، وليسَ ذاك