اعلمْ وفقكَ الله، أنَ معنى ذلك هو غلبةُ استعمالِ القومِ له في بعض ماوُضِعَ له أو ما جرى عليه مجازاً لا حقيقةً.
مثالُه: أن الرؤوسَ اسم لكلِّ ما علا على حيٍّ أو غيرهِ، ثم إن العُرْفَ قد يَغْلِبُ استعمالَهم له في رؤوسِ الأنعام، واستعمالَ اسم الجاريةِ في الحَدَثَةِ من الآدميات والإماءِ، وإنْ كانَ واقعاً على السفينةِ أيضاً، وكذلكَ اسمُ سِرَاجٍ ووتدٍ تقَعُ على كلِ مستضاءٍ به، وكل ماسِكٍ، كالشمسِ والجبلِ، والعرفُ صرَفَ ذلك إلى سُرُجِ الآدَميِّيْن وأوتادِهم.
وكذلك تسميتُهم بالفقيهِ مَنْ عَلِمَ الأحكامَ الشرعيةَ خاصةً، ومُعَلمٍ مَنْ عَلَّمَ الخط خاصةً، وانْ كان كلُّ مَنْ تفقهَ عِلماً فقيهاً بحُكْم الاشتقاقِ، وكل من عَلَّمَ صناعةً غير الخطِّ أيضاً مُعَلماً، لكن غَلَبَ الاستعمالُ في البعضِ، فكانَ ذلك الاسم العُرْفيِّ، ولا يجوزُ أن يكونَ الاسمُ العرفيُّ هو ما ابْتُدِىءَ بوضعِه، لأنه يُوجبُ أن تكونَ جميعُ الأسماءِ عُرْفِيَّةً، حيث كانت كلها قد سبَقَ لها ابتداءُ وضْعٍ وتجَدُّدٍ وحُدُوثٍ، ما خلا الأسماءَ في كلامِ الله سبحانه، ولا يجوزُ أن يكونَ