للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في صفةِ المفتي

وهو الذي يعرفُ بالأدلةِ العقليةِ النَّظريةِ حدثَ العالمِ، وأنّ لَه صانعاً، وأنّه واحدٌ، وأنّه على صفاتٍ واجبةٍ لَه، وأنه منزهٌ عن صفاتِ المُحدَثينَ، وأنّه يجوزُ عليهِ إرسالُ الرسلِ، وأنه قدْ أرسلَ رسلاً بأحكامٍ شرعَها، وأنَّ صدقَهم فيما (١) جاؤوا بِه ثبتَ بما أظهرَه على أيديهم منَ المعجزاتِ.

فإذا ثبتَ ذلك، وجبَ أن يكونَ محصلاً منْ كتابِ اللهِ، وسُنةِ رسولِه، وطريقِ الاستنباطِ، وإلحاقِ الشيءِ بنظيرِه، ومناسبةِ الحكمِ لعِلتِه.

والذي يشتملُ عليهِ الكتابُ ممّا يحتاجُ إليهِ الفقيهُ: أحكامُ القرآنِ، والفصْلُ فيما بينَ المحكم والمتشابِه، والنّاسخ والمنسوغ، والمجمل والمفسرِ، والطلقِ والمقيدِ، والنَّصِّ والظّاهرِ، والعامِّ والخاصِّ، والصَّحيح من الأخبارِ والباطلِ، وطريقِ الجمع بينَ ما أوهمَ الاختلافَ بظاهرهِ، ومعاني الآيِ والأخبارِ منْ لغةِ العربِ.

ولسنا نريدُ أنْ يكونَ في كلِّ علمٍ منْ هذهِ العلومِ ماهراً مثلَ أنْ يكونَ في النحوِ مثلَ سيبويهِ والخليلِ، ولا في اللغةِ كأبي زيدٍ، ولا في الحديثِ كيحيى بن معينٍ، فإنَّ ذلكَ محالٌ حصولُه لأحدٍ معَ كثرةِ العلمِ وقلةِ العمرِ، لكنَّا نريدُ ما دوَّنَه الفقهاءُ، وهذبَه العلماءُ في كتبهم، وقدْ روى جماعةٌ عنْ أحمدَ رضىَ الله عنه: أنَّه اعتبرَ أنْ يكونَ حافظاً لمئتي ألفِ


(١) في الأصل: "مما".

<<  <  ج: ص:  >  >>