للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجيبُ الحنفيُّ بما يقررُ نفيَ الإضرارِ معهُ برد القيمةِ.

فصل

في الاعتراضِ الخامِس، باختلافِ الروايةِ.

مثلُ أن يستدل الحنبليُّ أو الشافعيُّ في إباحةِ الجنينِ بذكاةِ أمّه بقولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذكاةُ الجنينِ ذكاةُ أمه" (١).

فيقولُ الحنفيُّ: قد روي: ذكاةَ بالفتحِ، وروي ذكاةُ أمة بالضم، والفتح يعطي أن تكون ذكاته مثل ذكاة أمه، كقوله سبحانه: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: ١٣٣]، وقال في موضع آخر: {كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ٢١]، وقول الشاعر:

فعيناكِ عيناها وجيدُكِ جيدُها (٢)

وإذا تردد بين أن يكون ذكاتُه نفسَ ذكاةِ أمّه، وبين أن يكون مثلَ ذكاة أمِّه، وقف الدليل على الترجيح. وكان ما ذهب إليه أبو حنيفة أشبه؛ لأنَّ الباب بابُ حظرٍ في الأصل، إلى أن يحصل يَقينُ الذكاة، ومما يرجِّح


(١) أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري أحمد ٣/ ٣١، ٣٩، ٥٣ وعبد الرزاق (٨٦٥)، وأبو داود (٢٧٢٧)، والترمذي (١٤٧٦) وابن ماجه (٣١٩٩)، والدارقطني ٤/ ٢٧٤، والبيهقي ٩/ ٣٣٥، وابن حبان (٥٨٨٩)، والبغوي (٢٧٨٩)، قال الترمذيْ هذا حديث صحيح، وقد رويَ من غير هذا الوجه عن أبي سعيد، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم.
(٢) صدر بيت لمجنون ليلى قيس بن الملوح، وعجزه: (ولكن عظمَ الساقِ منكِ دقيق). وهو في ديوانه: ٢٠٧، و"الكامل" للمبرد: ١٠٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>