للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلكَ: مثل أنْ يستدل الحنفى في مسألةِ الساجة (١) بقولهِ عليه الصلاةُ والسلام: "لا ضررَ ولا ضرارَ" (٢)، وفي نقضِ بناءِ الغاصبِ إضرار به، فوجب أن لا يجوز.

فيقولُ الشافعيُّ أو الحنبليُّ: هو حجةٌ لنا؛ لأنَ في إسقاط حق مالِك السَّاجة من ردَها بعينها، والعدول عنه إلى رد قيمتها، إضراراً بمالِكها المغصوب منه، ولربّما تعددت القيمة، فبقي ذلك حقاً وديناً في ذمَّةِ الغاصبَ، وانتقالُ الحق من عينِ مالِه إلى ذمّةِ غيرِه غايةُ الِإضرارِ. ومَعنا تَرجيح، وهو: أنًّ المتعديَ جلبَ الإضرارَ بتعديه، والمغصوبُ منه بريء من الابتداءِ بالإضرارِ، فكان بنفي الإِضرار عنه أحق.


(١) مسألة الساجة التي يقول بها الحنفية هي: إذا غصَبَ أحدُهم ساجةً أي خشبة، وأدخلها في بنائه، فإن كانت قيمةُ البناء أكثر من قيمة الخشبة، فإنه يملكها، ويعوضُ صاحبُها قيمتَها، وان كانت قيمتها أكثر منِ قيمة البناء لم ينقطع حق المالك عنها. واستدلوا على ذلك بحديث: "لا ضرر ولا ضِرار".
انظر "الأشباه والنظائر" لابن نجيم: ٨٨، و"بدائع الصنائع" ٩/ ٤٤١٧.
(٢) حديث حسنٌ بطرقه وشواهده، رواه الإمام مالك مرسلاً في "الموطأ" ٢/ ٧٤٥ ورواه موصولًا من حديث أبي سعيد الخدري، الدارقطني ٣/ ٧٧، و ٢٢٨/ ٤، والبيهقي ٦/ ٦٩، والحاكم ٢/ ٥٧ - ٥٨، وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد ١/ ٢١٣، وابن ماجه (٢٣٤١)، والدارقطني ٤/ ٢٢٨.
وعن عبادة بن الصامت عند أحمد ٥/ ٣٢٦ - ٣٢٧، وابن ماجه (٢٣٤٠).
وعن أبي هريرة عند الدارقطني ٤/ ٢٢٨ وعن عائشة عند الدارقطني ٤/ ٢٢٧، والطبراني في "الأوسط" (٢٧٠) و (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>