للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَبَ الحكمُ بوجوبِ ما وضعَ في العقل حسن الطاعة فيه لذي رتبةٍ من الخلقِ، ولا فَرْقَ بين ما وضعه شرعاً وما وضَعه في العقولِ، وليس سلوككم لإِيجابِ طاعةِ الأنبياء صلواتُ الله عليهم ومن ذكرتُم من الخلقِ إلا لرتبةٍ وضعَها الله، وقد وضعَ الله سبحانَه للعقلِ رتبةً، هي التحسينُ والتقبيحُ، فإذا أمرَ آمِر من الخلقِ بحُكمِ ما وُضِعَ في العَقْل، وجَبَت طاعتهُ ولا فَرْق.

فصل

يجمعُ الأجوبةَ

والجوابُ: أن أهلَ اللغةِ وضعوا الأمرَ صيغةً تستندُ إلى رتبةٍ، فما خرجنا عن وضعِهم في اعتبارِ الرتبة، لكنْ خالفناهم في عَيْنِ الرتبةِ، ومَعْلوم أن الأممَ على الغايةِ في الاختلافِ في التحسينِ والتقبيحِ، فالبراهمةُ والهنودُ والثنوية يحسنونَ أشياء تُقَبحها الشرائعُ، ويستقبحونَ أشياءَ لا تستقبحُها الشرائعُ بل تُحسنها، وليسَ من يقولُ بأن الله قد جعلَ اعتقادَ بعضِ هذه الفِرَق لِحُسْنِ الشيءِ أو قُبحهِ، حُكماً منه بذلك، أولى ممن قال: إنَ اعتقادَ غيرهم من الخلقِ لقبح ما استحسنه الفريقُ الآخر حُكم منه بقبحه، وهذا يوجبُ أنْ يكونَ الله سبحانَه قد حَكَمَ بأنَّه حَسن قبيحٌ، واجبٌ ساقِط، وذلكَ باطلٌ باتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>