واحدٍ منهما يوجبُ كفرَ المعتقِدِ لما استقرَّ في الشَّرعِ خلافه، فلا وجهَ لتقديمِ أحدِهما ولا ترجيحِهِ.
ومنها: أَنَّ الشَّيءَ الواحدَ يستحيلُ أَنْ يكونَ محظوراً على الواحدِ في وقتٍ، مباحاً له في ذلكَ الوقتِ، كما يستحيلُ اجتماعُ الضِّدَّينِ في المحلِّ الواحدِ، ولو شَهدَ شاهدانِ بأَنَّ فلاناً قَتلَ زيداً بمكَّةَ يومَ النحرِ، وشهِدَ آخرانِ أنَّه قتل عَمْراً ذلك اليومَ ببغدادَ، فإنَّ الشَّهادتينِ تسقطانِ لاستحالةِ اجتماع القتلينِ من الواحدِ في ذلك اليومِ، كذلكَ إذا رَوَى الواحدُ خَبَراً يعطي إباحةَ عين، وروى الآخرُ خَبَراً يقتضي تحريمَ تلكَ العينِ، وَجَبَ سقوطُهما.
ومنها: أَنَّه لو أخبر واحدٌ بنجاسةِ الماءِ، وأَخْبَرَ آخَرُ بطهارةِ ذلكَ الماءِ، لم يُجْعَلْ لأحدِهما مَزِيَّة على الآخرِ، بل يسقطانِ ويبقى الماءُ على أصلِ الطَّهارةِ، كذلكَ هاهنا.
فصلٌ
في الأجوبة عن شبهاته
أَمَّا ما عوَّل عليه مِنَ ألاستواءِ في الاعتقادِ، فإنَّ ذلكَ بعد ثبوتِ التَّحريمِ في المحظورِ، والإباحةِ في المباح، ولَعَمْري إنهما بعدَ الثّبوتِ صارَ كلُّ واحدٍ منهما شرعاً للهِ سبحانه، فإذا اعتقَدَهُ على خلافِ ما هُوَ بهِ كفر.