قال:"ما مَنعك أن تجيبني؟ " قال: كنتُ في الصلاةِ، فقال له:"أما سمعتَ الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال: ٢٤](١)؟ فوجهُ الدلالةِ أنه تعلّق عليه بصيغةِ الأمرِ في إيجابِ إجابتهِ - صلى الله عليه وسلم - حين دعاهُ.
فصل
في أسئلتهم
قالوا: لعل مرادَه: "لأمرتُهم" أَمْرَ إيجابٍ، بأن كان قد أوحِيَ إليه لو أمرناهم بالسواكِ لكان أمْرُنا لهم أمْرَ إيجابٍ.
وكذلك أرادتْ بريرةُ: "أبامْرِك"؟ أي: بإيجابك، أو باستدعاءٍ شرعي يكسبُني ثواباً في الأخرة؟ فقال: "إنما أنا شافع" لزوجك لا آمرٌ لَكِ بحكم الشرع، لكن بحكمِ الرقةِ عليه أو الشهوةِ، وذلك مما لا يعود إلى ما نحنُ فيه.
وكذلك قوله:{استجيبوا} لعله اقتضى بالوعيدِ المقترنِ بها، وهو قولُه:{واعلموا أن الله يحولُ بينَ المرءِ وقلبهِ}[الأنفال: ٢٤].
قيل: لم يُوْجَدْ إلا الأمرُ المجردُ والصيغةُ، وصرفُهُ عن ظاهرهِ إلى أن المرادَ به الإيجابُ يحتاجُ إلى دليلٍ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا تُحمل شفاعتهُ على ما دون الندب، لأن شهوتَهُ للأمرِ تكون موافقتُها موجباً ثواباً، بل آحادُ أمتهِ، فكيفَ في حقّه؟!: وهو الذي إذا أرضاهَ أمرٌ كان من أعظمِ الطاعاتِ، وشهوةُ الوالِد دونَ شهوتهِ وموافقتُها طاعةٌ.