للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في أدلتنا على أنهما يدخلان للجنس

فمنها: أن الله سبحانه ما أدخلَ الألفَ واللامَ على الاسمِ المفردِ إلا وأراد به الجنسَ؛ من ذلك قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: ٦]، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر ٢]، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، {حَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور ٢]، ثم عطف عليه ما دلّ على أن المرادَ به الجنسُ، وهو قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر ٣]، والذين اسم جماعة، والجماعةُ لا تُستثنى من واحدٍ، فدل ذلكَ على أنَه أراد بالإنسانِ: الجنسَ، فكذلك صحَ أن يستثني منه جماعةً.

ومنها: أنَ الجمعَ مثل: رجال، وناس، وكل، أسماء مُنكَرة، إذا دخلَ عليها الألفُ واللامُ اقتضت الجنسَ، كذلكَ الاسمُ الواحد، وهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الأعدادَ المخصوصةَ إذا جاءت بلفظِ النكرةِ لم تقتضِ الجنسَ من ذلكَ المعدود، ودخولُ الألفِ واللامِ يجعلها من قبيلِ الشمولِ والعمومِ لاستغراقِ الجنسِ، كذلكَ الواحدُ المفردُ، والجامعُ بينَهما: أنَ كُل واحدِ منهما صيغة لا تقتضي الجنسَ إذا لم يدخل عليها


= الرأي الثالث: التفصيل: فإن اللفظَ المفردَ ينقسِمُ إلى ما يتميز فيه لفظ الواحد عن الجنس بالهاء؛ كالتمرة والتمر فإنْ عَري عن الهاء؛ فهو للاستغراق. فقوله: "لا تبيعوا البُرَّ بالبُرِّ ولا التمر بالتمر" يعمُّ كل بُرٍّ وتمرٍ.
وما لا يتميز بالهاءِ ينقسمُ إلى ما يَتَشخص ويتعدد؛ كالدينارِ والرجل، حتى يقال: دينارٌ واحدٌ، ورجلٌ واحدٌ، وإلى ما لا يتشخصُ واحدٌ منه كالذهب، إذ لا يقالُ: ذهبْ واحدٌ. فهذا لاستغراقِ الجنسِ، أمَّا الدينارُ والرجلُ فيشبِهُ أن يكونَ للواحدِ، والألف واللام للتعريف لا للاستغراق، ويحتملُ أن يكون دليلاً على الاستغراق. وهذا رأي الإمام الغزالي كما في "المستصفى". انظر في بيان تلك الآراء: "البرهان"١/ ٣٣٩ - ٣٤٣ و"المستصفى" ٢/ ٥٣ - ٥٤ و"المحصول" ٢/ ٣٦٧ - ٣٧٠، و"البحر المحيط" ٣/ ٩٧ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>