للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفسدةً من الطريقِ الذي ذكرَه في تحريمِ الشَّرْع بعضَ الميتاتِ وإِباحتِه بعضَها، ولَمَّا لم يُوجب ذلك مَنْعَنا من القياسِ، كذلك لا يُوجِبُ منعنا ههنا من التعديةِ بذكَرِ العلةِ، وعدم الجمودِ على المحلِّ المنصوصِ عليه بحلاوتِه المُختصَّةِ به؛ إِذ لو كان ذكرُ العِلةِ في محل يُعطي أن يكونَ المَحلُّ أَحد وَصْفَيها، وأنَّها غيرُ مُفارقةٍ له، لما ساغَ لنا القياسُ، لأَنَّ الشِّدَّةَ في عصيرِ العِنَبِ، ودمَ العِرْقِ في الفَرْج، وملكَ البُضْع تحت العبدِ، والرِّقَّ في الأَمَةِ، يُوجب نصفَ الحدِّ، والعفوَ عما دون الدِّرهمِ من الدَّمِ في المحلِّ المخصوصِ به، ومتى سَلَكْنا هذا، امْتَنَعَ تعليقُ حكمِ علةٍ في محل على وجودِها في محل آخرَ؛ لفوات أَحدِ وَصْفيها؛ إِذِ العلةُ لاتعملُ إِلأ بكمالِها.

فصل

في شبههم

فمنها: أَنَّ العلةَ لو كانت تُوجب الَتعديةَ، لوَجَبَ إِذا قال: حرَّمْتُ عليكُم السُّكَّرَ لحلاوتِه، أن لا يَحْسُنَ قولُه بعدَ ذلك: وأَبَحْتُ العسَلَ، بل يكونُ مُناقِضاً، أَلا تَرى أَنَّ ما ظَهَرَتْ فيه التعديةُ بِدَلالةِ العقلِ، مثلُ قولِه: اضْرِبْ زيداً لَأنه مُسيءٌ، ولا تَضرِبْ عَمراً، وكان عَمرٌ ومسيئاَّ أً يضاً، لَعُدَّ مُناقِضاً، وكذلك لو قال: لاتُطْعِمْ وَلَدي أَو عَبدي الشُّوِنيزَ (١)؛ لأَنه حارٌّ، وأَطْعِمْه العسَلَ والعصافيرَ.


(١) الشونيز: الحبةُ السود اء."القاموس": (شنز).

<<  <  ج: ص:  >  >>