ومنها: أنّ الفسَّاقَ مِن العلماءِ المجتهدينَ لا يُعتدُّ بخلافِهم، معَ كونِهم مِن أهلِ الصناعةِ، لأجلِ التُّهمةِ في الدينِ، والعوامُّ العدولُ أوْلَى أن لا يعتدَّ بقولِهم لتحقُّقِنا أنّهم لا معرفةَ لهم بالحجّةِ مِن الشبهة، ولا بتراتيبِ الأدلةِ بعضِها على بعضٍ.
ومنها: أنّ في الاعتدادِ بقولِهم تعطيلٌ لأقوالِ أهلِ العلمِ، وإيقاف لحجّةِ الشّرع على قولِ أربابِ المِهنِ والصَّنائع الزَّرِيَّةِ، المصروفةِ فهومُهم إلى ما نَدَبوا إليهِ نفوسَهم مِن الأعمالِ، ولا يَشَمُّونَ رائحةَ العلمِ بحالٍ، فالمشاورةُ لهم في الآراءِ الدينيَّةِ والاجتهاداتِ الاعتقاديةِ استخفافٌ بحرمةِ أحكامِ الشَّرع، وهذا صحيحٌ؛ لأنّ كلَّ قومٍ يُرجَعُ إليهم فيما يعانونَه ويَخبرُونَه، ولذلك يُرجعُ إلى أهل الصَّنائع في صنائعِهم، وإلى أهلِ الأسواقِ في تقويمِ السلع بحَسَبِ تجارتِهم فيها وخُبْرِهم بأسواقِها، ولا يخلطُ أهلُ صناعةٍ بغيرِ أهلِها في الاعتدادِ بقولِهم فيها، فلا يرجعُ إلى أهلِ تجارةٍ في أعيانِ في تقويمِ ما لاخُبرَ لهم بِه ولا ممارسةَ، ولايُرضى إلاّ بالخُبْرِ العدولِ، ليجمَعَ بينَ الخبرةِ والثِّقةِ، فلا وجهَ لإهمالِ أحكامِ الشَّرع باتفاقِ قولِ الخبراءِ العلماءِ بها على قولِ مَن لا خبرةَ له بها.
فصل
في شُبههم
فمنها: قولُ النبيِّ في: "أمتي لا تَجتمعُ على الخطأِ، ولا تجتمعُ على