للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جنس ما ذكرنا، ومما لعلنا لم نذكره، وبالله التوفيق.

فصل

في الكلام على مَنْ أحال التعبُّدَ به لأجل أنه يوجبُ على المكلفين الأحكامَ المتضادة

قال هؤلاء: إنما وجب إحالةُ التعبُّد به، لأجل أنه يؤدّي إلى ما لا يصحُّ دخولُه تحت التكليف من إلزام الأحكامِ المتضادَّة، وما ليس في الوُسع والطاقة. قالوا: وبيانُ ذلك: أنَّه قد يتردَّدُ الفرعُ بين أصلين أحدُهما محلَّلٌ، والآخر محرَّم، ويُشبِهُهما، فيوجب شبهُه بالمحلل عند المجتهد كونه حلالاً، ويوجب شبهُه بالمحرَّم كونه حراماً، فيوجب أن يكون حلالاً حراماً.

فيقال: إنَّ هذا باطلٌ من وجهين: أحدهما: أنَّ أكثر القائسين يَمنَعُ من ذلك، ويزعم أنَّه لا بدَّ من ترجيح شَبَهه بأحدِهما، ونحن وكلُّ مَنْ يقول: إنَّ الحقَّ في جهةٍ، وليس كلُّ مجتهدٍ مصيباً على هذا المذهب، وأنَّ الله سبحانه لم يجعل شبهه إلا بأصلٍ واحدٍ: إمَّا حلالاً وإمَّا حراماً، وأمر بالحاقه بذلك الأصل، فلا يجوز أن يُدَّعى أنْه يشبه الأصلين المختلفين أو المتضادين شبهاً واحداً، ومتى عَرَضَ ذلك للمجتهدِ، وَجَبَ عليه أن يجتهدَ في الترجيح، فإنه سيقعُ عليه ويصادفُه، ويَهجُم به الاجتهادُ في النظر على لحوقه بأحدهما، وربَّما قضى بعضُ المجتهدين فلم يعطِ الاجتهادَ حقه، فيَتهم حينئذٍ نفسَه، ويتوفف ولايُقدِم فيه بقضيةٍ ولا فتيا، حتى إنهم اختلفوا، أعني في هذا القبيل في أنَّه يقلِّد غيره، وبما يخصُّه من حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>