للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في النَّفْيِ

والنفيُ: هو الخبرُ الذي يدل على أنَّ المُخْبَرَ به ليس بشيءٍ، أو ليس بموجودٍ، وكلُّ خبرٍ فلا يخلو أن يكون نَفْياً، أو إثْباتاً، أو إبْهاماً، فالنفي ما قَدَّمْنا، والإِثباتُ نقيضُه، وهو الخبرُ الذي يدل على أن المخبرَ به موجود، أو أن المخبرَ به شيءٌ، وأما الإِبهامُ: فهو الخبرُ الذي لا يدلُّ على وجودِ المخبرِ به ولاعدمِه.

والمثْبَتُ: هو المخبر بوجودِه، أو بكونِه شيئاً. والمَنْفى: هو المخبر بِعَدَمِه، أو بكونِه ليس بشيءٍ.

فعلى هذا: من أثْبَتَ الحَرَكَةَ [فقد أخبر بوجودِه]، (١)، ومن نفاها، قد أخبرَ بعدمِها (٢)، ومن أخبرَ بتحريمِ النَبيذِ، أو إيجاب الشُّفْعَةِ بالجوارِ، فقد أخبر بوجودِ الحُكْمَيْنِ؛ أعني: تحريمَ النبيذ، ووجودَ إيجابِ انتزاعِ العَقَارِ بالجِوارِ.

والدَّلالةُ على أن النفيَ يتعفَق بالعدَم قولهم: الضِّدانِ يتنافيانِ، والإِثباتُ نَقيضُ النفي، كما أن الوجودَ نقيض العَدَمِ.

والدلالة على أن الإِثباتَ في الصَفةِ متعلق بالمصدرِ قولُهم: ذَمَمْتُه لأنه ظالمٌ، ومدحتُه لأنه مُومِنٌ أو مُحْسِن، والتعلقُ في ذلك كُله في الذَمَ بالظُلْمِ، وفي المَدْحِ بالإِيمانِ والإِحسانِ، وفي العِقابِ بالكُفْرِ،


(١) ما بين حاصرتين زيادة يستقيم بها المعنى.
(٢) في الأصل: "بنفيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>